إقتباسات كتاب مقترح عبور لما بعد سقوط آل سعود

أفليس الله يقول آمرًا نبيه الخاتم {وشاورهم في الأمر}؟ هذا وهو المصطفى! فكيف بنا نحن (الذين بعده وكل من عاصره) الأدنى منه مقامًا وشأنًا؟ لذلك الشورى في حياة المسلم هي منهج ونمط حياة في كلّ شؤونه صغيرها وكبيرها، وليست هي متعلِّقة بجوانب الحكم فقط، بل وفي البيت أيضًا، إذ فيه تبدأ أول ممارسة حقيقية للشورى ومنه (أي: البيت المسلم الحقيقي) تخرج أجيال مؤمنة بها ممارسة لها تطحن بها عظام الاستبداد قبل أن تصبح عظامًا حتى!

هذه صفات الذين آمنوا بالله رب العالمين، فهم عليه يتوكلون، ويجتنبون كبائر الإثم والفواحش، وإذا ما غضبوا هم يغفرون، ويستجيبون لربهم فيقيمون الصلاة (وإقامة الصلاة هنا ليست محصورة في أوقاتها، أي لا تقيم صلتك مع الله فقط في وقت الصلاة ثم بعدها أو بين الصلوات تقطع صلتك به بارتكاب المحرمات والمعاصي وأذية عباد الله، بل تظل مقيم الصلاة على الدوام في المسجد وخارجه مُتخلِّقاً بأخلاق القرآن وتعاليمه وقيمه، لا بأخلاق آل سعود والطواغيت وأذنابهم!)، ويجعلون أمرهم (كـلـه) شورى بينهم (كـلـهـم)، وينفقون مما رزقهم الله سبحانه (التضامن والتكافل الاجتماعي)، إلى آخر صفات المؤمنين {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون * وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين}. فهل نحن حقًّا من المؤمنين؟ كيف ذلك ونحن لا تنطبق علينا أهم صفاتهم؟ كيف نقول أننا نستجيب لرب العالمين ونحن بلا شورى، بلا حرية، بلا كرامة، بلا تضامن ولا تكافل فيما بيننا؟ كيف يصح إسلامنا وركنه الأول مختل وناقص؟ كيف ندّعي الإسلام ونحن نعبد الطغاة والأوثان؟

يصف أفراد آل سعود ما قام به جدهم الأعور الدجّال "توحيدًا"، ويقولون عن كيانهم الاحتلالي الوهابي التكفيري "دولةً عُظمى، وتحكم بالشريعة" (يقصدون شريعة ابن عبد الوهاب طبعًا) ويقول الأتباع ممّن يرجون بقاءهم أو قل "إصلاحهم"، يجب ألا نفرّط في هذا الكيان وحالة الاتحاد هذه على الإطلاق، ولكن لم يسأل مُسعوَدٌ منهم نفسه: كيف صار الاحتلال توحيدًا؟ هل عُرِض علينا الانضمام لمهلكة ابن سعود ابتداءً حتى نسميه حقًّا "توحيدًا" أم فُرِض علينا بقرار منه هو (وبريطانيا طبعًا) وليس منّا؟ هل كان الانضمام نابعًا من حرية اختيار أم هو واقعٌ فُرِض علينا بقوة السلاح؟

كيان آل سعود قام وتأسس على الباطل والجور والفجور والقهر، وتكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم، فهو كيان لا شرعية له من الأصل؛ وما بني على باطل فهو باطل، لقد عاث في الأرض والناس فسادًا وظلمًا وإجرامًا وخرابًا. فهل لهكذا كيان القابلية للبقاء والاستمرار أو حتى الإصلاح؟ حتمًا لا. لأن المشكلة ليست فقط في شكل النظام مثلًا لهذا الكيان أو بعض الشخصيات فيه وإنما هي متعلقة بأصله (أي: كيف نشأ، وكيف امتد وتوسعت حدوه إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه)، المعضلة هي أن هذا الكيان (وإن حاول البعض أو علَّقوا شيئًا من الأمل لإصلاحه أو تغيير بعض رموزه) لا شرعية له. يعني حتى وإن تحول لملكية دستورية كما تنادي بها المعارضة المُسعوَدة (ونقول المُسعوَدة لأنها لم تكفر بعد بآل سعود، بل تدعو وتعمل لبقائهم تحت شعار الملكية الدستورية، أي إعطاء آل سعود وكيانهم فرصة للحياة والإجرام والعبث بحقوق الناس لمدة أطول!)، فإن الأساس هو ذاته؛ أن لا شرعية لهذا الكيان مطلقًا.

مما لا يخفى عليكم أيها الفضلاء أن الكيان السعودي إنما قام على دماء وأشلاء رجال ونساء الجزيرة العربية (وحتى الأطفال، بل والأجنة في بطون أمهاتهم لم يسلموا من شر آل سعود وجنودهم) بعد أن كفّروا وكهنتهم الوهابيين كل المسلمين ليس في الجزيرة العربية وحدها، بل وفي العالم أجمع. كل من لم يصبح وهابيًّا اعتبر كافرًا ومشركًا مستحقًّا للقتل ومستباح المال والعرض (وفق عقيدة ابن عبد الوهاب طبعًا، وإلا دين الله براء من هذا الكفر والإجرام). ثم نهبوا وسعوَدوا ما في جوف الأرض وما عليها (والناس أيضًا).

ألا تشاھدون (فتغارون من) دول العالم التي التجأت إلى حصن الشورى المجیدة فأخذتھا (رغم أننا أولى الناس بھا، كیف لا؟ وقرآننا یصف المؤمنین حق الإیمان بأن: "وأمرھم شورى بینھم"؟ ویأمر النبي الخاتمي بأن: "وشاورھم في الأمر"؟) وعملت بھا فسادت نفسھا وانتزعت حقوقھا وقادت الدنیا كلھا.. أما نحن فلا نزال نراوح مكاننا، وكأن القرآن لیس كتابنا! أو الإسلام لیس دیننا!، وكل ذلك إنما كان -بجانب غفلتنا وبعدنا عن دیننا- من صنع وعبث الطغاة وكھنتھم بدین الله ومراد كلامه. (آل سعود وكھنة الوھابیة مثالاً معاصرًا صارخًا على ذلك) علیھم لعائن الله وغضبه من الیوم وحتى تقوم الساعة.

ھل یمكن استبعاد الشورى التي ھي جزء من عقیدة كل مسلم (أو ھكذا یُفترض، وبھا كمال ركن الإسلام الأول) والتي ھي كابوس كل طاغیة ومحتل وفاسد وھي من صمیم السیاسة؟، أو محوھا من كتاب رب العالمین كي یرضى الغرب وعملاؤه الطغاة عنَّا؟ ونظل -كما نحن بالفعل- لُعبة بید المحتلین والغاصبین والطغاة والكفرة والفاسدین؟ أیعقل ذلك یا عباد الله؟، أم نكون من الذین: {استجابوا لربھم وأقاموا الصلاة وأمرھم شورى بینھم ومما رزقناھم ینفقون}؟. لیقولوا عنَّا "إسلام سیاسي"!، وما المشكلة؟، نعم نحن مسلمون دیننا الإسلام الحنیف دین الفطرة {فأقم وجھك للدین حنیفًا فطرة الله التي فطر الناس علیھا لا تبدیل لخلق الله ذلك الدین القیم ولكن أكثر الناس لا یعلمون}، ومرجعیتنا القرآن العظیم كتاب رب العالمین الذي احتوى الشرع الإلھي الكامل الصالح لكل الناس في كل زمان ومكان، ولا یكتمل ھذا الإسلام دون حق الأمّة (كل الأمة) في الشورى (الشورى في الأمر كله) ضمن حدود الشرع الحنیف. ولماذا لا یكون للمسلم حق ودور في السیاسة والسلطة وتقریر مصیره، كغیره من البشر طول الأرض وعرضھا؟، أم تنتظرون ذلك الیوم الذي فیھ تخسرون لیس حق الشورى (لكل الأمة) في إدارة شؤونھا وتقریر مصیرھا وذلك ھو الخسران المبین..، بل وما ھو أقل وأبسط من ذلك بكثیر.. الیوم الذي فيه تخسرون أبسط الحقوق!، لا أستبعد -وھذا حالنا- مجيء ذلك الیوم الذي تخشون فيه حتى من مجرد الصلاة في المساجد! أو إظھار أي شعیرة من شعائر الإسلام!، فھل تعون؟

كما لا یصح إسلامك دون الإیمان بالله، فكذلك لا یصح إیمانك بالله ولا یكتمل وأنت لست مؤمنًا بالشورى، ولا تنطبق علیك بقیة صفات أھل الإیمان (وإلا لماذا ذكر الله لنا صفاتھم؟ أمن أجل التسلیة؟ أم عبث قالھا؟)، ثم لا تغفل أین وضعھا الله (أقصد الشورى) في الآیة الكریمة فجعلھا مع الاستجابة لله وبین الصلاة والزكاة: {والذین استجابوا لربھم وأقاموا الصلاة وأمرھم شورى بینھم ومما رزقناھم ینفقون}، أي إن الشورى لا تقل أھمیة عن الصلاة والزكاة، بل ھي في ذات المستوى.. وعليه فنحن مطالبون ومأمورون وملزمون بالإیمان بھا وممارستھا على أرض الواقع وفي كلّ شؤون حیاتنا صغیرھا وكبیرھا، ومن لا یبالي بغیاب الشورى ھو -بالضبط- كمن لا یبالي إذا ما منعت -في یوم ما- الصلاة والزكاة وكل شعائر الإسلام وأركانه!

ینبغي أن یعي الشباب المسلم (ذكورًا وإناثًا) أن الشورى جزء من صمیم عقیدة المسلم.. وذلك بعد ما حاول الطغاة وكھنتھم عبر التاریخ -ووصولاً لآل سعود وكھنة الوھابیة- إفراغ عقیدة المسلم ومسخھا حتى تتناسب مع متطلبات الطغاة وشروط بقائھم، فلا یعود المسلم یستنكر غیاب الشورى، ولا یعتبر في ذلك إبطالاً وضرًبا لعقیدتھ!، بل ویعتبر في كلامي ھذا مبالغة!

ھل الطغاة الملاعین أرفع عند الله من محمد ابن عبد الله؟ كلا... وألف كلا.. ومع ذلك اقرأ أمر الله لنبيه الخاتم: {فبما رحمة من الله لنت لھم ولو كنت فظًّا غلیظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنھم واستغفر لھم وشاورھم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله یحب المتوكلین} (آل عمران: ١٥٩)، یأمره سبحانه (یأمر من؟ محمد الخاتمي)، وشاورھم (من یا الله؟ الأمّة كلھا، في ماذا یا الله؟) في الأمر (أي أمر؟ مطلق الأمر)، فإن كان محمد وھو الرسول النبي الخاتمي مأمورًا وملزمًا بالإیمان بالشورى المجیدة (بل، ومحتاج لھا) -الشورى القرآنیة، لا الكھنوتیة ولا السلطانیة- لیس على المستوى العقائدي فقط، بل وممارستھا على المستوى الاجتماعي والسیاسي، إذا كان ھذا الحال مع محمد، فما دونه وبعده ھم حتمًا أحوج لھا وألزم بھا بكل تأكید.