رواية الخروج إلى المتاهة
الكاتب أحمد إبراهيم الفقيه
قراءة رواية الخروج إلى المتاهة pdf تأكيداً على أن موضوع الروح هو الثيمة الأساسية لمجموع روايات هذه الرواية الملحمة، من خلال مسيرة الحب والحرب التي خاضها بطل الرواية، بادئاً رحلته من صحراء الحمادة الحمراء، منتقلاً إلى عاصمة بلاده طرابلس، ثم إلى بر الأحباش ضمن جنود الحملة الإيطالية على الحبشة، ثم إلى القاهرة والصحراء الغربية خلال الحرب العالمية الثانية عائشاً تلك المفارقة التي عاشها كثير من الليبيين الذين بدأوا الحرب مجندين مع المحور يحاربون في صفوفه جيوش الحلفاء، ثم انتهوا إلى محاربين في جيش الحلفاء ضد قوات المحور، عائداً إلى وطنه وإلى وظيفة قيادية في بلاده حلاف فترة الحماية البريطانية لليبيا، ثم إلى الصحراء التي منها بدأن لتكتمل الدائرة وتنتهي أجزاء الرواية الاثني عشرية.
إنها ملحمة زاخرة بالأتراح والأفراح والأحداث الجسيمة، عاشها أبناء الجيل الذي ينتمي إليه عثمان الحبشي، حاولت الرواية تقديم أقباس منها بلغة السرد الروائي وتقنياته وجماليته، التي لا تكتفي بتسجيل الأحداث ولا تجعل ذلك هما رئيسياً لها، فمهمتها الأساسية هي خلق عالم سحري يوازي الواقع بدلاً من أن تسعى لنقله على الورق، باعتبار الفن تقطيراً للتجربة الإنسانية وليس تسجيلاً لها أو ترحيلاً لأحداثها سواء باستخدام عامل الانتقاء أو بمحاولة نقل هذه الأحداث بعجزها وبجرها إلى عالم القصة، وهي لغة لا تكتفي بالبقاء لغة وصفية نثرية. وإنما تشحن سردها بلغة الشعر وجدل الواقع والأسطورة والحقيقة والفانتازيا والحوار والمونولوج والاسترجاع من أجل أن تفلح في خلق عالم زاهر بالدلالات الفلسفية والفكرية.
"فقد صار هذه المرة ينظر إليها كعنصر تسلية وترفيه في السهرة ويسألها أن تغني له شيئاً من محفوظاتها، وعندما ظلت الفتاة صامتة لا تجد الشجاعة على الغناء، تدخلت سونيا لتشجيعها على أجواء الطرب والمرح، فلم تجد صفاء أغنية تقولها إلا واحدة من الأغاني المتداولة في الأغراس، تعكس شيئاً من نفسيتها الخائفة من الرجال الغرباء، فغنت بصوت حزين أغنية تقول كلماتها: قولوا لها راجل غريب إيجيكم، كانت الرنة الحزينة في صوتها ذات تأثير قوي على عثمان الحبشي، الذي صار يردد معها مقاطع الأغنية والدموع تسح من عينيه".