فالحضارة الأوروبية الأمريكية لا تعطينا إنسانا بل حیوانًا تعلقت أعضاؤه، فهو يمشي على القمر بأرجل صاروخية ويسمع بأذان رادارية ويري بعيون إلكترونية ، ويقتل بمخالب ذرية ولكنه حيوان مازال واقفًا عند إشباع حاجاته ومازال واقفا عند نفسه وهواه ورغباته لم يتخطها . وهو ديناصور على طريق الانتحار والانقراض، أما الحضارة الإسلامية فتعطينا إنسانا تخطى حاجاته وتجاوز رغباته بما يعلو على ذاته نفسها ثم بدأ يعلو على ا
يُعبرُ فكر مارتن هيدغرMartin Heidegger (1889-1976)، ومنذُ عهد "الكينونة والزمان" 1927 عن رغبته في استئناف مسألة الكينونة بطريقة مغايرة لما ترسخ في تاريخ الميتافيزيقا الغربـية منذ أفلاطون Plato (427ق.م- 347ق. م) إلى غاية نيتشه Friedrich Nietzsche (1844-1900). إنَّ الكينونة ليست من الكائن في شيء، لأن الكينونة تند عن كل تحديد أو تعيين، أما الكائن فهو ما يقبل التحديد والتعيين، غير أن الكينونة هي الأقرب إلى الكائن الإنساني عن غيره من الكائنات.
لكن معنى الكينونة المقصود هنا هو الأكثر بعدا عن مفهوم الإنسان المُفكرُ فيه في ظل غياب ونسيان الكينونة عبر تاريخ الميتافيزيقا الغربية، أي الإنسان المُؤسَس ضمن الكائن الحاضر في أفق الوعي، المثال، الفكرة، التصور، التمثل، الإرادة. وهو ما يعنيه هيدغر بضرورة تجاوز المفهوم الميتافيزيقي عن الإنسان والاستعاضة عنه بمصطلح "الدزاين Dasein" ، بما هو الكائن الذي يُعنَى بمسألة الكينونة. إن تجاوز هيدغر مفهوم الإنسان بمصطلح الدزاين دلالة على أن تاريخ الميتافيزيقا لم يُفكر بالشكل المناسب ما يعنيه وجود الإنسان، بل أنَّ هذا التاريخ ترسيخٌ وتعضيدٌ لتصور ثابت وراسخ عن الإنسان منذ أفلاطون بما هو ماهية، جوهر، مثال، ذات مفكرة، تمثل مطلق، وإرادة قوة.