تحميل كتاب وقت المياه، وقت الأشجار pdf تصف الشاعرى الأمريكية المخضرمة ماكسين كةمين في مقدمتها لـ"الأعمال الشعرية الكاملة" آن ساكستون بأنها الشاعرة التي "فتحت آفاقاً جديدة في الكتابة الأدبية النسوية، التي حطمت المحرمات... كتبت عن أمور مثل الطمث، الإجهاض، العادة السرية، سفاح القربى، الزنى، المخدرات، في زمن لم تكن مثل هذه الأمور تعد لائقة بالشعر". بل لم يكن يعد مناسباً أو لائقاً بالشعر أن يتطرق مباشرة للأمور الفردية، أن يكون ضمير الأنا هو الأنا الأكثر حضوراً وهيمنة فيه. هكذا تعد ساكستون، جنباً إلى جنب سيلفيا بلاث ولويز بوغان، وأدريان ريتش، ودنيس ليفرتوف... وغيرهن، من أعمدة ما يعرف باسم "الشعر الاعترافي" في أمريكا، ذلك الشعر الذي ينطلق من الذات بالدرجة الأولى، الذي يذهب أحياناً إلى حد فضح أسرار شخصية أو عائلية أو هواجس وخيالات داخلية لا يجرؤ كثر على البرح بها. بيد أن الفضيحة ليست أساس أو نفتاح "الشعر الاعترافي" بطبيعة الحال، على الأقل ليس بالمعنى الشائع والمبتذل، بل بمعنى الغوض أعمق في الذات، البحث عن المصادر الحقيقية للألم، مخاطبة العالم أو رؤيته من خلال عدسة الذات، لا من خلال العدسة التي يريدها العالم نفسه.
بكل هذه المعاني، سواء من حيث الكم أو الكيف، تعد أن ساكستون من الرواد الحقيقيين في حركة الشعر الأمريكي. فهي من وجهة منحت المرأة، وحتى قبل انتشار المنظمات النسوية والحركات المطالبة بالمساواة بين الجنسي، صوتاً وصورة مختلفين، يتجاوزان صوت وصورة (ووظيفة) المرأة التاريخية التقليدية، أي الإنجاب والحفاظ على النسل أو أداة المتعة أو أن تكون مجرد صدى لصوت الرجل وحضوره في ما يتعلق بمجالات الأدب والإبداعات الفنية الأخرى. لكن إنجازها (مع شعراء آخرين من الجنسين) يتجاوز النسوية إلى التعبير الأدبي والفني، حيث أصبحت السيرة الذاتية "مادة" شرعية يمكن أن يستلهمها الكاتب في شعره أو نثره، بل أن يبني عليها كل نتاجه كما في حالة ساكستون وبلاث على وجه التحديد.