كتاب صفة كتاب الله في كتاب الله
الكاتب محمد بن ابراهيم ال الشيخ عبد العزيز بن باز اللجنة الدائمة هيئة كبار العلماء
تحميل كتاب صفة كتاب الله في كتاب الله pdf 2007م - 1443هـ إن كتاباً هذه صفته حري بأن يتعرف عليه الألباء ويتأمله ويتدبره الحكماء والعلماء وأن يستمسك به كل راغب في النجاة وخير ما يعين على ذلك ما ذكره الله - سبحانه - له من الأوصاف والأسماء التي تعرف بمهمته ودوره ورسالته فإليك بارك الله فيك بعض هذه الأوصاف والأسماء. فمن تلك الأوصاف أن هذا الكتاب ( مما ذكره الله - تعالى- في وصف كتابه ) روح قال - تعالى -: ( وَكَذَلِكَ أَوحَينَا إِلَيكَ رُوحاً مِن أَمرِنَا مَا كُنتَ تَدرِي مَا الكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ ) ( 2 ) فهو روح يحيي به الله من يشاء من عباده ( الأفراد والأمم والجماعات ) فكم ميت لا روح فيه ولا حياة أحياه الله - تعالى -بروح الكتاب قال - تعالى -: ( أَوَمَن كَانَ مَيتاً فَأَحيَينَاهُ وَجَعَلنَا لَهُ نُوراً يَمشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَثَلُهُ فِي الظٌّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ, مِنهَا ) . أيها المؤمنون إن من صفات هذا الكتاب العظيم ( مما وصف الله به - تعالى -كتابه المجيد ) أنه نور كما قال - تعالى -: ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنٌّورِ الَّذِي أَنزَلنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِيرٌ ) وقال: ( قَد جَاءَكُم مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخرِجُهُم مِنَ الظٌّلُمَاتِ إِلَى النٌّورِ بِإِذنِهِ وَيَهدِيهِم إِلَى صِرَاطٍ, مُستَقِيمٍ, ) . فالقرآن نور تشرق به قلوب المؤمنين ويضيء السبيل للسالكين المتقين، فبالقرآن يخرج الله الذين آمنوا من الظلمات والتعاسات إلى النور و السعادات. ومن أوصافه أنه برهان قال - تعالى -: ( يَا أَيٌّهَا النَّاسُ قَد جَاءَكُم بُرهَانٌ مِن رَبِّكُم وَأَنزَلنَا إِلَيكُم نُوراً مُبِيناً ) ( 9 ) فهو برهان أي حجة من الله لعباده المؤمنين وحزبه المفلحين وهو حجة على الضالين والزائغين فالقرآن هو البرهان القاطع والدليل الواضح الساطع على الحق والهدى ولذلك كان وقعه على أعدائه أشد من وقع السيف والسنان. أمة القرآن إن من أوصاف هذا الكتاب المبين ( ومن أوصافه أنه موعظة ) وشفاء، وهدى ورحمة للمؤمنين قال الله - تعالى -: ( يَا أَيٌّهَا النَّاسُ قَد جَاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصٌّدُورِ وَهُدىً وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنِينَ ) ( 10 ) فالقرآن أبلغ موعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وهو أنجع الأدوية لما في الصدور والقلوب من الآفات والأمراض والأدناس، ففيه الشفاء من أمراض الشبهات والشهوات وفيه علاج أمراض الأفراد والأمم والمجتمعات. وهو هدى ورحمة للمؤمنين، يبين لهم الصراط المستقيم، ويدلهم على النهج القويم، ويوضح لهم معالم طريق الفائزين بجنات أرحم الراحمين. ومن أوصافه أنه النبأ أي الخبر العظيم قال - تعالى -: ( قُل هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ( 67 ) أَنتُم عَنهُ مُعرِضُونَ ) ( 11 ) فهو عظيم في وعده ووعيده وترغيبه وترهيبه وأحكامه وأخباره وهو عظيم في أمثاله وأقاصيصه. أيها المؤمنون هذه بعض الأوصاف التي وصف الله - تعالى -بها كتابه الحكيم وهو العليم الخبير. والمتأمل في هذه الصفات وحقيقة انطباقها على الموصوف يدرك إدراكاً لا مرية فيه ولاشك أنه أعظم آيات النبي - صلى الله عليه وسلم - بل أعظم آيات الأنبياء كيف لا يكون كذلك وهو الذي أعجز نظامه الفصحاء، وأعيت معانيه البلغاء والحكماء فلم يأتوا بسورة من مثله. وكيف لا يكون كذلك وهو الذي أحدث الانقلاب العظيم والتغيير الكبير في عقائد العرب وتصوراتهم وعباداتهم وأفكارهم وأخلاقهم وسياساتهم وجميع شؤونهم فبينا كان العربي يعبد الأحجار والأشجار ويعاقر الخمر ويعاشر النساء ويقطع الأرحام ولا يعرف لوجوده غاية ولا يحمل بين جنبيه رسالة أنزل الله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - الفرقان، فانبثقت من بين دفتيه خير أمة أخرجت للناس كما قال - تعالى -: ( كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ, أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللَّهِ ) إن هذه الأمة التي ذكرها الله - تعالى -خرجت من بين هدى فتساقطت بين يديها أمم الكفر والظلام فأصبح ذلك العربي المغمور يحمل مشاعل الأنوار ليخرج الناس من عبودية الطواغيت والأوثان إلى عبودية الملك الديان. كم هم الذين يعدون القرآن الكريم هو مصدر التلقي والتوجيه وهو مصدر صياغة وبناء العقائد والعبادات والأخلاق والأفكار ليعرفوا عدوهم من صديقهم. كم هم الذين يعودون للقرآن ليميزوا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان. كم هم الذين يجعلون القرآن إماماً لهم في جميع شؤون حياتهم صغيرها وكبيرها خاصها وعامها إنهم وللأسف نزر قليل وعدد يسير. .
عرض المزيدفي حالة وجود أي مشكلة تخص الكتاب برجاء إبلاغنا
من خلال او من خلال