كتاب هداية الأريب الأمجد لمعرفة أصحاب الرواية عن أحمد
الكاتب محمد بن احمد بن علي القرشي الهاشمي الحسني الفارسي تقي الدين ابو الطيب
قراءة كتاب هداية الأريب الأمجد لمعرفة أصحاب الرواية عن أحمد pdf 1997م - 1443هـ مسند أحمد المعروف بـ المسند، هو أحد أشهر كتب الحديث النبوي وأوسعها، والتي تحتلّ مكانة متقدمة عند أهل السنّة؛ حيث تعتبر من أمهات مصادر الحديث عندهم، وهو أشهر المسانيد، جعله المحدِّثون في الدرجة الثالثة بعد الصحيحين والسنن الأربعة. يُنسب للإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الذهلي (164 هـ - 241 هـ / 780 - 855م)، يحتوي حسب تقديرات المحدثين على ما يقارب 40 ألف حديث نبوي، منها حوالي 10 آلاف مكررة، مُرتَّبة على أسماء الصحابة الذين يروون الأحاديث، حيث رتبه فجعل مرويات كل صحابي في موضع واحد، وعدد الصحابة الذين لهم مسانيد 904 صحابي، وقسَّم الكتاب إلى ثمانية عشر مسندًا، أولها مسند العشرة المُبشرين بالجنة وآخرها مُسند النساء، وفيه الكثير من الأحاديث الصحيحة التي لا توجد في الصحيحين. انفرد عبد الله بن أحمد بن حنبل (213 هـ - 290 هـ) برواية المسند عن أبيه، مع أنَّه سمعه مع أخيه صالح وابنِ عم أبيه حنبل بن إسحاق، ولكن صالح كان كثيراً ما يتغيَّبُ عن السماع سعياً وراءَ عياله، وحنبلَ بن إسحاق اهتمَّ بفقه ابن حنبل أكثر من اهتمامه بحديثه، والرواية الأشهر للمسند هي رواية ابنِ الحُصَيْن عن أبو علي بن المُذْهِب، عن القطيعي، عن عبد الله بن أحمد، عن أحمد بن حنبل، كما جاء في أول رواية المسند قال حنبل بن عبد الله المكبِّر: مسند أحمدأخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن محمد عبد الواحد بن أحمد بن الحصين الشيباني قراءة عليه وأنا أسمع فأقر به، قال أخبرني أبو علي الحسن بن علي بن محمد التميمي الواعظ ويعرف بابن المذهب قراءة من أصل سماعه، قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قراءة عليه، قال ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنهم، قال حدثني أبي أحمد بن محمد بن حنبل. مسند أحمد وهناك روايات أخرى للمسند من طرق أخرى عن عبد الله بن أحمد ولكنها لم تصل كاملة، فقد روى المسند عن عبد الله بن أحمد كلٌ من: أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعيّ، وهو أشهر رواة المسند عن عبد الله. أبو الحسن أحمد بن محمَّد بن عمر بن أبان العبديّ اللنبانيّ. أبو عليّ بن الصَّوَّاف. وسمع المسند من القطيعي كلٌ من: أبو عبد الله الحاكم. أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، وعنه يرويه ابن عبد البر القرطبيّ. أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الوهرانيّ، وعنه يرويه ابن عبد البر، وأبو القاسم الطرابلسي. أبو عليّ الحسن بن عليّ بن المُذهب التميميّ، وهو آخر من روى المسند كاملا عن القطيعيّ - سوى قليل منه أسقط من النسخ، وهو أشهر الرواة عن القطيعي. أبو محمد الجوهريّ، حدَّث عن القطيعي بمسند العشرة، ومسند أهل البيت من المسند. أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بِشران، وحدَّث به عنه أبو الحسن علي بن العَلاَّف، والعلاّف قد أجاز لأبي القاسم بن عساكر ولأبي موسى المديني وطائفة. وروى عن ابن المذهب كلٌ من: أبو طالب عبد القادر اليوسفي. أبو طاهر عبد الرحمن اليوسفي. أبو الحسين الطيوري. أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين، وقد حدَّث عن ابنِ الحُصين أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، وحنبل بن عبد الله المكبِّر، وعن ابن الحصين اشتهرت روايةُ المسند وذاع في جميع البلدان، ورواه الكثير مِن الحفاظ الثقات. زيادات عبد الله بن أحمد الزيادات هي إِضافة راوي الكتاب فيه ما ليس منه من مروياته أَو مرويات مؤلفه في كتاب آخر، مع تمييزه لها، وزيادات عبد الله على المسند هي ما رواه عبد الله عن غير أبيه. وقد بلغت الأحاديث والآثار التي رواها عبد الله في المسند 229 حديثًا منها 31 أثرًا موقوفًا على الصحابة و4 آثار موقوفة على التابعين، أكثرها في مسند علي بن أبي طالب وأبي بن كعب، ولم يكن عبد الله يتحرى الأحاديث الصحيحة ولم يكن ينتقي عن الرواة الثقات بل كان أحيانًا يروي أحاديث ضعيفة، حيث كان يتبع قاعدة من أسند لك فقد أحالك. وزيادات عبد الله تنقسم إلى: أحاديث تامةً سندًا ومتنًا، وأحاديث شارك والده فيها وزاد عليها بعض الألفاظ والصحابي فيها واحد، وأحاديث أخرى من رواية غير الصحابي الذي روى له والده والمتن واحد، وطرق أخرى غير الذي روى بها والده، وتعتبر أشبه بالمستخرج على مسند والده. زيادات القطيعي ذكر عدد من العلماء كابن تيمية والحافظ العراقي واللكنوي أن القطيعي زاد في المسند زيادات غير زيادات عبد الله، وقال ابن حجر العسقلاني: «فِيهِ شَيْء يسير من زيادات أبي بكر القَطِيعي الرَّاوِي عَن عبد الله»، وذكر أحمد البنا الساعاتي أن له أحد عشر حديثًا زائدًا، بينما ذكر المحقق عامر حسن صبري أنه لا يوجد للقطيعي أحاديث عن غير عبد الله سوى حديث واحد، رواه في مسند أبي مسعود بن عقبة الأنصاري، كما رجح أن البنا اعتمدت على نسخة قديمة من المسند سقط منها اسم عبد الله من بعد الأحاديث فظن أنها زيادات للقطيعي. بينما ذهب محمد ناصر الدين الألباني في كتابه "الذَّبُ الأحمد عن مسند أحمد" إلى نفي زيادات القطيعي بالكلية، وذكر أن كل الأحاديث التي قيل عنها أنها من زيادات القطيعي من مرويات شيوخ عبد الله بن حنبل أي أنها في الأصل من زيادات عبد الله وليس القطيعي، وأن كل مرويات القطيعي عن شيخه عبد الله بن أحمد. شرطه ومنهجه اشتمل المسند على الأحاديث المرفوعة وهو الغالب في الكتاب، وعلى خلاف شرط المسانيد احتوى على قليل من المرسل، وقليل من الموقوف على الصحابي، وقليل من المقطوع مثل أقوال عطاء وعكرمة، كما اشتمل على بعض الآثار المروية في التفسير مثل أقوال مالك بن أنس وأقوال أحمد بن حنبل نفسه، وتواريخ موت بعض الحُفاظ، وبعض رحلاته العلمية، وجرحه وتعديله في بعض الرواة. وإيراد الأحاديث الموقوفة والمُرسلة يعتبره بعض المُحدثين زيادة في فؤائد المسند، حيث كان إيرادها لبيان الاختلافات في الإسناد إرسالًا ووصلًا ورفعًا ووقفًا، ليبين أن الأسانيد في خلاف قد يُعلّ أصل الحديث، أو يبين أصله ومعناه، أو يوضح أن الحديث المرفوع المُسند لا يؤثر فيه ذلك الخلاف. ولم يتكلم ابن حنبل في الجرح والتعديل في أغلب مسنده، لأن موضع التفصيل هو كتب العلل، فلم يكن يذكر الخلاف أو بعضه، بل اكتفى بإيراد الأحاديث، وهناك بعض التعليقات الحديثية الموجودة في المُسند والتي يُرجح العلماء أنها من إيراد ابنه عبد الله. لم يشترط الإمام أحمد الصحة في مسنده حيث قال: «قصدت في المسند الحديث المشهور، وتركت الناس تحت ستر الله تعالى، ولو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث لست أخالف ما ضعف إذا لم يكن في الباب ما يدفعه»، وقال أيضا: «إذا جاء الحديث في فضائل الأعمال وثوابها تساهلنا في إسناده، وإذا جاء الحديث في الحدود والكفارات والفرائض تشددنا فيه». ومن هذين القولين يظهر رأي الإمام أحمد بن حنبل في الأحاديث الضعيفة، فهو يَقبلها إذا كانت في ميدان فضائل الأعمال ولا يَقبلها في الأحكام، وإذا كان الحديث ضعيفًا ولم يكن في الباب ما يدفعه، أي: إذا لم يخالف القواعد العامة، ولم يعارض حديثا صحيحًا في الباب. يشترط ابن حنبل أن يكون يتحقق في الراوي التوثيق والعدالة، وألا يكون من الكذابين المتروكين؛(2) حتى يكون ممن يصلح للاحتجاج به، كما كان لا يروي عن من اتُهم في عقيدته، ولا عن من أجاب في محنة خلق القرآن، فلم يرو عن علي بن المديني بعدما أجاب في المحنة، وروى عنه 68 حديثًا سمعها منه قبل المحنة، فلمَّا كانت المحنة امتنع عن الرواية عنه، قال أبو زرعة الرازي: «كان أحمد لا يرى الكتابة عن علي بن الجعد، ولا سعيد بن سليمان، ورأيت في كتابه مضروبًا عليهما»، وقال: «ولا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن أبي معمر، ولا يحيى بن معين، ولا أحد ممن أجاب في المحنة.» ويقول أحمد بن حنبل: «لو حدثت عمن أجاب في المحنة، لحدثت عن اثنين: أبو معمر، وأبو كريب؛ أما أبو معمر، فلم يزل بعدما أجاب يذم نفسه على إجابته وامتحانه، ويحسن أمر من لم يجب. وأما أبو كريب، فأجري عليه ديناران، وهو محتاج، فتركهما لما علم أنه أجري عليه لذلك.» كما لا يروي عن من اتُهم بالتشيّع أو من يقع في الصحابة، ويترك الرواية عن الداعي إلى مذهب الإرجاء والقدرية، أما إن كان حاله مستترًا ولم يكن داعيًا لهذه المذاهب روى عنه، قال إبراهيم الحربي: «قيل لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، سمعت من أبي القطن القدري، قال لم أره داعية، ولو كان داعية لم أسمع عنه.» ويرى ابن تيمية أن شرط مسند أحمد أقوي من شرط سنن أبي داود، فيقول: «شرط أحمد في المسند أقوى من شرط أبي داود في سننه، وقد روى أبو داود عن رجال أعرض عنهم أحمد في المسند، كمن يُعرف أنه يكذب مثل محمد بن سعيد المصلوب ونحوه، ولكن قد يروي عن من يُضعَّف لسوء حفظه، فإنه يكتب حديثه ليعتضد به ويعتبر، وهذا يقتضي أن مسند أحمد أعلى شرطًا من سنن ابن ماجه، لأنها أدنى كتب السنن.» .
عرض المزيد