كتاب التعويض عن السجن
الكاتب محمد السهمي ابو عبد الله
قراءة كتاب التعويض عن السجن pdf 2001م - 1443هـ نبذة عن الموضوع : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله • التمهيــد: المبحث الأول : التعريف بمفردات العنوان : المطلب الأول : تعريف التعويض : 1- تعريف التعويض في اللغة : العوض في اللغة هو البدل ، ويجمع العوض على أعواض ، تقول: عضت فلاناً أو عوضته وأعضته أي: أعطيته بدل ما ذهب منه (1)• جاء في تاج العروس: (والعوض -كعنب- الخلف ، وفي العباب: كل ما أعطيته من شيء فكان خلفاً) (2)• وتشتق من مادة العوض عدة اشتقاقات(3) والذي يعنينا منها هنا هو (التعويض) وهو البدل ، أو الخلف ، مقصوداً به الاستقبال ، جاء في لسان العرب: (والمستقبل التعويض) (4)• 2- تعريف التعويض في الاصطلاح الفقهي : الناظر في كتاب الفقهاء القدامى لا يجد فيها تعريفاً اصطلاحياً للتعويض ، وإنما استعملوا بدله لفظ الضمان ، واختلف معنى الضمان عندهم ، فمنهم من يستعمله بمعنى التعويض ، ومنهم من يستعمله للتعويض وغيره ، وبعضهم يستعمله بمعنى لا يدخل فيه معنى التعويض، وهذا يبين من تعريفاتهم للضمان ، وعليه نورد (5) بعض تعريفاتهم للضمان ، لعلاقتها بالتعويض، فمن هذه التعريفات نذكر ما يأتي : 1- هو: (ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة بنفس أو دين أو عين) (6)• 2- هو: (إيجاب مثل التالف إن أمكن أو قيمته ، نفياً للضرر بقدر الإمكان) (1)• 3- هو: (عبارة عن رد مثل الهالك أو قيمته) (2)• 4- (شغل ذمة أخرى بالحق) (3)• 5- (التزام حق ثابت في ذمة غيره أو إحضار عين مضمونة أو يد من يستحق حضوره) (4)• 6- (واجب رد الشيء ، أو بدله بالمثل والقيمة) (5)• 7- (عبارة عن غرامة التالف) (6)• 8- (ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق) (7)• وبالنظر إلى هذه التعريفات نجد أن الموافق منها لمعنى التعويض هو التعريفات التالية: الثاني ، والثالث ، والسادس ، السابع ، أما التعريفات الباقية مما ذكر فلا يدخل فيها معنى التعويض • وإن كان التعويض متداخلاً مع الضمان في كلام الفقهاء المتقدمين، إلا أن الذي يظهر هو وجود فارق دقيق بينهما ، وهذا الفارق هو أن الضمان مطلق الالتزام بالتعويض، سواء حدث الضرر فعلاً أو كان متوقع الحدوث، بخلاف التعويض ، فإنه لا يجب إلا عندما يحدث الفعل الضرر فعلاً، وعليه يكون التعويض نتيجة للضمان (8)• هذا وعند النظر في التعريفات التي ذكرها الفقهاء المعاصرون ، نجد أنها سعت إلى تحديد معناه ، وتخليصه من العموم الوارد في اصطلاح الضمان عند الفقهاء المتقدمين ، وفيما يلي نورد بعض هذه التعريفات : 1- هو: (رد بدل التالف) (1)• ويؤخذ عليه كونه غير دقيق لأنه لم يبين ماهية التعويض • 2- (تغطية الضرر الواقع بالتعدي أو الخطأ) (2)• ويؤخذ عليه شموله للقصاص والتعازير ، فهو إذا غير مانع • 3- (جبر الضرر الذي يلحق المصاب) (3)• ويؤخذ عليه أنه أغفل إظهار صفة المالية في التعريف ، وهذا أمر أساس في التعويض ، لأن المقصود تخصيص هذا المصطلح بالتعويض عن الضرر بالمال ، وعليه يكون التعريف غير مانع لإمكان دخول القصاص والتعازير فيه • 3- هو: (المال الذي يحكم به على من أوقع ضرراً على غيره ، في نفس أو مال أو شرف) (4)• وهذا التعريف هو الأولى بالاختيار ، للأمور الآتية : أ- أنه بين ماهية التعويض وهو أنه مال يدفع للمتضرر عن طريق حكم الحاكم ، وهو بهذا يكون مانعاً من دخول غير المعروف فيه • ب- أنه شمل نوعي الضرر ، الواجب التعويض عنهما ، وهما : 1- الضرر المادي • 2- الضرر الأدبي • وهو بهذا يكون جامعاً لأفراد المعرف ، فتحقق بذلك كونه جامعاً مانعاً• المطلب الثاني : تعريف السجن : 1- تعريف السجن في اللغة : السجن مأخوذ من الفعل الماضي (سجن) ، والسين والجيم والنون أصل واحد ، وهو الحبس ، يقال: سجنته سجناً ، والسجن: المكان الذي يسجن فيه الإنسان ، قال الله عز وجل في قصة يوسف عليه السلام: قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه والا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين (1)• وقد سجنه من باب نصر ، بمعنى حبسه (2)• ويقال للرجل: مسجون وسجين ، وللجماعة سجناء وسجنى ، ويقال للمرأة: سجين وسجينة ومسجونة وللجماعة: سجنى وسجائن • ويسمى من يتولى أمر المسجونين وحراستهم سجاناً والسجين موضع السجن ، ومكان فيه كتاب الفجار (3)• 2- تعريف السجن في الاصطلاح : لم أقف على تعريف للسجن عند الفقهاء ، غير ما ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية (4)، والكاساني (5)، والسروجي (6)، فقد عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه: (تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه) (7)• وعرفه الكاساني بأنه: (منع الشخص من الخروج إلى أشغاله الدينية والاجتماعية) • وعرفه السروجي فقال: (والحبس مقر مانع من السعي في البلاد) (1)• وعند النظر في تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية وتعريف الكاساني نجد أنهما عامان ، وقريبان من المعنى اللغوي الذي يدل على مطلق المنع • وعليه لا يلزم أن يكون السجن جعل المسجون في بنيان خاص معد لذلك ، ولكن ذلك لا يدل على عدم مشروعية اتخاذ سجن معين معد لذلك ، قال ابن العربي (2): (الامساك والحبس في البيوت كان في صدر الإسلام قبل أن يكثر الجناة ، فلما كثروا وخُشي قوتهم اتخذ لهم سجن) (3)• فأما تعريف السروجي فقد ورد به التنصيص على مقر السجن وموضعه• وقريب من السجن الحبس ، وهو مصدر من الفعل حبس ، ومعناه المنع والإمساك ، ويجمع على حبوس ، مثل فلوس ، ويقال للرجل : محبوس وحبيس ، وللجماعة محبوسون وحبس ، وللمرأة: حبيسة ، وللجمع: حبائس (4)• والسجن والحبس معناهما واحد في دلالة نصوص الكتاب والسنة ، قال الله تعالى: قالت ما جزاء من أراد بأهل سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم (5)• وقال أيضاً: تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله (6)• وجاء في الحديث: (الدنيا سجن المؤمن) (1)• وجاء فيه أيضاً: (إن الله حبس عن مكة الفيل) (2)• وكذلك معناهما واحد عند الفقهاء (3)• جدير بالذكر أن هذا التعريف للسجن يشمل التوقيف أيضاً ، وهذا يتفق مع مقصودنا في هذا البحث ، فإننا عندما رسمنا عنوان هذا البحث ، أردنا السجن بمعناه المتقدم الذي يدخل فيه التوقيف ، لأن أحكامهما فيما يتعلق بالتعويض واحدة ، سواء في الفقه أو النظام ، وليس المراد به السجن في الاصطلاح النظامي ، الذي هو: عقوبة تعزيرية يحكم بها شرعاً ، أو توقعها الجهة المختصة ذات الولاية بالفصل في دعاوى جزائية (4)• فالسجن لابد أن يصدر به حكم قضائي ، بخلاف التوقيف ، وعقوبة السجن تنفذ في السجون ، بينما يودع الموقوف بأمر من السلطات المختصة في دور التوقيف • والمقصود بالموقوفين : هم الذين لم يبت القضاء في أحكامهم لعدم تجاوزهم مرحلة الاتهام ، ويعاملون معاملة أخف من المسجونين ، ويشترك الجميع في كونهم مقيدي الحرية (5)• .
عرض المزيد