رواية ما وراء الخط الاخر
الكاتب محمد حيدار
قراءة رواية ما وراء الخط الاخر pdf هو منذ أن صارح محمودا أيام ثكنة " الراس" بمدى الإعجاب الذي يكنه للألمان، لايزال على بعض رأيه ذاك، حتى ورصاص هؤلاء يتساقط حوله كالمطر، إنه كمن دخل سوقا لا مصلحة له فيها، لا مع البائع ولا مع المشتري، ولذلك بقي بين قناعتين؛ فهو يحارب الألمان إعلاء لشأن بندقيته، وليس نصرة للعلم الفرنسي، وهما طرفا المعادلة اللذان لم يتمكن من التعبير عنهما بوضوح.
فقد يكون من الصعب التفريق بين الأمرين: شرف البندقية ونصرة العلم، لكن بوداود يدرك في نفسه حدود هذه التفرقة، ولو بشكل لا يستطيع شرحها بتفصيل، ولكم حاول أن يشرك محمودا في هذه القناعة، غير أن اللغة ظلت تخونه، إذ كيف يفهمه حين يقول له: الشرف شخصي، و النصرة موضوعية مثلا، ومحمود يرى في موقف زميله تناقضا واضحا، وربما قال له بوداود يومها:" إن ولائي للجيش الألماني قد تتفهمه قرية " الثيران" أكثر من أن تتفهم ولائي إلى الجيش الفرنسي، فقريتنا لا تحمل أية ضغينة للألمان عكس ما هو الحال بالنسبة للفرنسيين، وضحك محمود في صخب وهو يقول:" أنت تنشد مرضاة ذهبية فقط"، وقال بوداود:" لا تقزّم معنى كلامي يا أخي، ثم إنك من المعجبين بإيفا براون أليس كذلك؟!
وقال محمود:" نعم، ولكن ليس إلى درجة توجيه نيراني إلى صدور رفاقي في السلاح، أو خذلانهم في معركة مواجهة مع جيش أخر.
فرواية "ما وراء الخط الأخر" تتناول فترة الحرب العالمية الثانية، مبرزة مشاركة نماذج من الجزائريين وأبناء المغرب العربي، وافريقيا في تلك الحرب. ونظرة الالمان إلى هؤلاء المستعمَرين ــــ بفتح الميم الثانية ـــ من طرف دولة يأتون للذود عنها، وهي النقطة التي حاولت المخابرات الالمانية "الغيستابو" استغلالها إلى أبعد حد، لاسيما مع من اشتمت فيهم رائحة العداوة تجاه فرنسا.
وفي الرواية أسماء لشخصيات تقاسمت الأدوار الرئيسة، كبوداود وهو جزائري و"مايكا" وهي برتبة عقيد في المخابرات الالمانية، حيث تنمو بينهما علاقة غامضة تتجاذبها قوتان؛ قوة يُخيّل إلى كليهما أنها عاطفة حب خالصة، وقوة يرتاب بعضهما في أنها مجرد تقارب مصلحي لغايات أخرى، ستجلوها الرواية مع تقدم فصولها وسيلان أحداثها.