كتاب قصة الفلسفة اليونانية
الكاتب زكي نجيب محمود
قراءة كتاب قصة الفلسفة اليونانية pdf عرضت لوصف الحياة العقلية عند العرب وألفت فى ذلك "فجر الإسلام" و"ضحاء", ووصلت فى التأليف إلى المعتزلة والمتكلمين فى العصر العباسى رايت أنهم تعرضوا لمسائل هى من صميم الافلسفة اليونانية, ورأيت أن لا بد لفهمها من الرجوع إلى منابعها, لأعرف كيف فهموها وكيف نقلوها ومالذي زادوا عليها, فاضطررت إلى العودة إلى كتب الفلسفة أستعرض مسائلها, وأتفهم غوامضها, ورأيت, مؤلفى العرب كالشهر ستانى واللقفطى وأمثالهما قد خلطوا حقاً وباطلا, فكثيراً ما نسبوا القول إلى غير قائله, وترجموا حياة الفيلسوف ترجمة لا يقرها التاريخ الصحيح, وخلعوا عليها من خيالهم الإسلامى ما لا يتفق وحياة الفلاسفة اليونانيين الوثنيين, فكان لابد من الرجوع إلى الكتب الأجنبية التى خطت خطوات فسيحة فى تعرف الصواب, بما استكشفوا من آثار وعثروا عليه من كتب, ومحصوا من آراء.
فلما عاوت القراءة فى الافلسفة بدت منى رغبة فى أن أكتب خلاصة ما أقرأ فذلك أدعى الى وضوح الفكرة فى ذهنى, والى أن ينتفع -بما انتفعت به- غيرى, وكان من حسن حظى أن رأيت أخى وزميلى الأستاذ نجيب محمود, يرغب رغبتى ويتمنى أمنيتى, فتعاونا معاً على إخراج هذا الكتاب وتقديمه للقراء.
وليس لنا فيه أفكار جديدة ولا آراء مبتكرة, فلسنا من علماء الفلسفة المتخصصين لها والمتبحرين فيها, وكل عملنا أننا قرأنا الموضوع فى كتب متعددة وأخذنا خلاصتها, وصغناه صياغة أقرب الى ذهن القارئ العربى, وتخيرنا ما هو أنسب له وأقرب إلى ذوقه, فليس عملنا تأليفاً بالمعنى الدقيق للتأليف, ولا ترجمة بالمعنى الدقيق للترجمة, ولذلك اخترنا الدلالة على ما عملنا كلمة "تصفيف", فلعلها أدل على القصد, وأصدق فى الوصف.
راعينا فيه قدر الامكان وضوح الفكرة وبساطة التعبير حتى أسميناه "قصة", كما راعينا الاقتصار على أهم المسائل وأصولها دون التوسع فى فروعها وجزئياتها.