تحميل كتاب علماء نجد خلال ثمانية قرون المجلد 2 pdf 1978م - 1443هـ نجد هي أحد أقاليم شبه الجزيرة العربية التاريخية وأكبرها مساحة وترتفع هضبة نجد ما بين 700 إلى 1500 متر فوق سطح البحر وتقع في وسط شبه الجزيرة. كانت نجد موطناً تاريخياً لمملكة كندة وطسم وجديس وبني زيد وبني حنيفة وبني أسد وبني تميم وهوازن وغطفان ومملكة تنوخ وطيئ وبنو عامر ومحارب وباهلة وبنو غنى وحضارة المقر وغيرهم. تشكل اليوم منطقة الرياض ومنطقة القصيم ومنطقة حائل والأجزاء الشرقية لمنطقة مكة المكرمة ومناطق نجد الشرقية مثل هضبة الصمان ضمن المملكة العربية السعودية. تعتبر نجد منطقة معزولة نسبياً، فالكثبان الرملية تحيط بها من ثلاث جوانب ويفصل بينها وبين الحجاز سلسلة من الجبال. في السابق، كان القادم من العراق أو البحرين يضطر للمرور عبر نجد ولكن من القرن الثالث عشر الميلادي، أصبح بإمكان الحجيج والقوافل الالتفاف حول نجد بسهولة ومحاذاة البحر الأحمر نحو مكة أو جدة وهو ما ساهم في زيادة عزلة المنطقة أكثر لذلك فإن سرد تاريخ نجد المظلم ليس بالأمر السهل حتى القرن الثامن عشر الميلادي. في القرن السادس عشر بسطت الدولة العثمانية سلطتها على الحجاز وكان وجودها في تلك البلاد امتداداً لسلطتها على مصر، وامتد نفوذها ليشمل الأجزاء الشرقية من شبه الجزيرة العربية وأسسوا لهم إيالة في الإحساء. نجد لم تخضع لسلطة العثمانيين وظهرت إمارات حضرية صغيرة متعددة مكتفية ذاتياً تعتمد على الزراعة وأبقت القبائل النجدية على استقلالها التام وفي القرن السابع عشر الميلادي كانت القبائل المنتشرة في نجد قبائل بني لام وسبيع والسهول وعنزة وعائذ. وفي فترة ما من القرن السابع عشر الميلادي ارتحلت قبائل الدواسر من بادية اليمن في مأرب لعقيق بني عقيل وسمي الوادي باسمهم بعد ذلك وادي الدواسر سرعان مالفتوا أنظار الإمارات المحلية الصغيرة لأن الدواسر كانوا يكثرون غزو القبائل البدوية قرب الإحساء ويعتدون على القوافل وتحالفوا مع قبيلة قحطان لاحقاً ولم تنجح أي من القبائل أو الإمارات من الوصول لمناطقهم وأجبروا آل صباح وآل خليفة على ترك نجد والهجرة إلى سواحل الخليج العربي ثم ارتحلت أعداد كبيرة من قبائل عتيبة وقبيلة قحطان وحرب ومطير وسبيع والدواسر وبني رشيد لأجزاء من نجد وأستقرت بها. هكذا كان وضع نجد حتى القرن الثامن عشر، إمارات حضرية صغيرة وقبائل بدوية كبيرة متحاربة لم يكن الدين أول اهتماماتها بل كانوا يحالفون أي إمارة مهما كان مذهبها لإبقاء إستقلاليتهم كما يتضح مع ظهور الدعوة الوهابية بقيادة محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب. ولد محمد بن عبد الوهاب مطلع القرن الثامن عشر عام 1703 م 1115هـ في قرية صغيرة اسمها العيينة لعائلة من الحضر تتعقب أصولها لبني تميم كان محمد بن عبد الوهاب شخصا عاديا يملك بستانا للتمور وعشرة أو عشرين بقرة تقريباً سافر إلى المدينة والبصرة والإحساء ليتلقى تعليما دينياً وربما للعمل بالتجارة كذلك ثم عاد إلى مدينته العيينة حيث كان والده قاضياً لنشر رسالته الجديدة عام 1727. كانت القرى النجدية تحوي رجال دين يسافرون إلى سورية والعراق لطلب المعارف الفقهية قبل محمد بن عبد الوهاب، ماميز ابن عبد الوهاب هو دعوته إلى التوحيد اعتبر محمد بن عبد الوهاب ثقافة أولياء الله الصالحين وتخليد ذكراهم ببناء القباب من البدع وحرم تدخين التبغ وأظهر حرصاً غير عادي على جبي الزكاة وكلها أمور رحب بها أمير العيينة ولكن اضطر لطرده لاحقاً لتشدد ابن عبد الوهاب والعقوبات القاسية التي فرضها على من لا يؤدون صلاة الجماعة، وتدخله الشخصي لفرض رؤيته وتفسيراته للشريعة ورجمه لامرأة متهمة بالزنا أغضب سكان العيينة وأميرها بالإضافة لضغوطات من أمراء بني خالد في الإحساء الذين كانوا يخشون امتداد دعوته لدرجة أن طالبوا عثمان بن معمر بقتل محمد بن عبد الوهاب ولكن ابن معمر رأى في طرده درءا لفتنة أكبر كانت الإحساء بقيادة بني خالد قد تخلصت من الحكم العثماني عام 1670 وتمكنوا من ضم نجد لنفوذهم ولكنهم أبقوا على الإمارات المحلية. كانت القرى النجدية تحوي رجال دين يسافرون إلى سورية والعراق لطلب المعارف الفقهية قبل محمد بن عبد الوهاب وكان رجال الدين يعالجون مشاكل الناس العملية مثل الزواج والميراث ماميز ابن عبد الوهاب هو دعوته إلى التوحيد وإصراره على قتال مخالفيه، فأهل حاضرة نجد لم يكونوا جهلة بل كانوا يملكون وعيا دينيا ساعد كثيرا في تقبلهم لدعوة محمد بن عبد الوهاب. ارتحل محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية وعليها الأمير محمد بن سعود جد سلالة آل سعود الذي استقبل بن عبد الوهاب ووفر له الحماية. كان داع الإسماعيلية في نجران يراقب مايجري في نجد، ألحق ابن سعود هزيمة قاسية بقبائل العجمان مما دفعهم لطلب الدعم من أقاربهم البعيدين قبيلة يام في نجران فكان الرد قاسيا من المكرم الإسماعيلي الحسن بن هبة الله وألحقوا هزيمة بابن سعود عام 1764 وتوفي محمد بن سعود بعد عام واحد. بحلول عام 1792 تمكن عبد العزيز بن محمد بن سعود من فرض سيطرته على الرياض والخرج والقصيم وأبقى على الأمراء المحليين شريطة دفعهم الزكاة له، كدلالة رمزية على سلطته أربعة عوامل ساعدت في نجاح الدعوة الوهابية: التشرذم وغياب الوحدة بين الإمارات النجدية الصغيرة ساعد السعوديين فرض السيطرة عليها واحدة بعد الأخرى. الخلافات الداخلية في الإمارات الصغيرة سهل على السعوديين الانقضاض عليها واستعمال المنشقين لخدمة مصالحهم. تقبل سكان الحاضرة النجدية لتعاليم محمد بن عبد الوهاب وفر قاعدة دعم شعبية قوية للسعوديين. ارتحال العديد من القبائل النجدية البدوية لمناطق أكثر خصوبة في العراق وسورية. اعتمد أبناء محمد بن سعود على تحالفهم مع محمد بن عبد الوهاب الذي أصبح أبناؤه يعرفون بآل الشيخ ولا زالوا مسيطيرين على المؤسسات الدينية وعلى الغارات السريعة لتشكيل حقل سياسي بحدود متذبذبة فلم تكن لهم وسيلة غير استمرارية الغارات لإن القبائل البدوية أظهرت قدرة على تحدي السلطة السعودية ـ الوهابية لإن ابن عبد الوهاب وابن سعود لم يحاولوا اضفاء صبغة رسمية للعلاقات الدينية والسياسية والاجتماعية داخل الإمارة، الانتماء إلى مجتمع مسلم لا يكفي لتجاوز الانتماءات القبلية والمناطقة وهذه موسوعة تاريخية يمة بذل مؤلفها جهدًا علميًّا، وتحقيقات تاريخية نادرة المثال، فقد كَرَّسَ – رحمه الله- لجمع موادِّها جميع نشاطاته وأوقات فراغه، فزار دار الكتب المصرية في القاهرة والمكتبة الظاهرية بدمشق، وعكف أيامًا في مكتبة المدينة المنورة والطائف ومكتبات الرياض والقصيم والزبير ومكتبات أخرى خاصة بالعلماء وطلبة العلم في الحجاز ونجد. كما نقَّب وبحث في الأوراق القديمة والوثائق الشرعية والصكوك المحفوظة لدى أهلها، أو بالمحاكم الشرعية في مختلف بلدان نجد، وذلك لتقصِّي الحقائق والوصول إلى أخبار القريب والبعيد، والمشهور والمغمور من رجال العلم، وآثارهم العلمية وتلامذتهم. فكان -حفظه الله- بتأليفه هذا السِّفْر القيِّم الفائزَ الأول في السباق العلمي البعيد المدى، والذي شمل مدن نَجْد كلَّها، بل وما جاورها من البلاد، كالمنطقة الشرقية والزبير. واختصارًا فقد كَرَّسَ فضيلة المؤلف في تأليف كتابه هذا جزءًا كبيرًا من نشاطه العلمي وجَلَده وصبره على التحقيق والتدقيق، حتى صدر بهذه الصورة الجميلة، والإخراج الموفق، الذي سيبقى -على مدى الأيام- لرواد البحث والتحقيق خاصة عن علماء نجد جداول نقية، ومنابع ثرَّة للاستقاء منها، والاستفادة منها عند الحاجة والمراجعة ودراسة تاريخ هؤلاء العلماء المشهورين والمغمورين. أمَّا ما جمع من المعلومات المتعلقة بأنساب أهل نجد، فهو -ولا شك- ذو قيمة عظيمة، وجدير بأن يُهتم به، من حيث الجمعُ ومن حيث النشر. .
عرض المزيد