كتاب ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية من الدرة اليتيمية في السيرة التيمية ومعه جمع بتراجم الذهبي لابن تيمية ورثاء الذهبي لابن تيمية مع بعض أشعاره وذكر الذهبي لابن تيمية في كتبه وبعض سؤالاته وسماعات الذهبي لابن تيمية
الكاتب محمد بن احمد بن عثمان بن قايماز الذهبي شمس الدين ابو عبد الله
تحميل كتاب ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية من الدرة اليتيمية في السيرة التيمية ومعه جمع بتراجم الذهبي لابن تيمية ورثاء الذهبي لابن تيمية مع بعض أشعاره وذكر الذهبي لابن تيمية في كتبه وبعض سؤالاته وسماعات الذهبي لابن تيمية pdf 2012م - 1443هـ تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحراني (661 هـ - 728هـ/1263م - 1328م) المشهور باسم ابن تيمية. هو فقيه ومحدث ومفسر وعالم مسلم مجتهد من علماء أهل السنة والجماعة. وهو أحد أبرز العلماء المسلمين خلال النصف الثاني من القرن السابع والثلث الأول من القرن الثامن الهجري. نشأ ابن تيمية حنبلي المذهب فأخذ الفقه الحنبلي وأصوله عن أبيه وجده، كما كان من الأئمة المجتهدين في المذهب، فقد كان يفتي في العديد من المسائل على خلاف معتمد الحنابلة لما يراه موافقًا للدليل من الكتاب والسُنة ثم على آراء الصحابة وآثار السلف. وُلد ابن تيمية سنة 661 هـ المُوافقة لسنة 1263م في مدينة حران للفقيه الحنبلي عبد الحليم ابن تيمية و"ست النعم بنت عبد الرحمن الحرانية"، ونشأ نشأته الأولى في مدينة حران. بعد بلوغه سن السابعة، هاجرت عائلته منها إلى مدينة دمشق بسبب إغارة التتار عليها وكان ذلك في سنة 667 هـ. وحال وصول الأسرة إلى هناك بدأ والده عبد الحليم ابن تيمية بالتدريس في الجامع الأموي وفي "دار الحديث السكرية". أثناء نشأة ابن تيمية في دمشق اتجه لطلب العلم، ويذكر المؤرخون أنه أخذ العلم من أزيد من مائتي شيخ في مختلف العلوم منها التفسير والحديث والفقه والعربية. وقد شرع في التأليف والتدريس في سن السابعة عشرة. بعد وفاة والده سنة 682 هـ بفترة، أخذ مكانه في التدريس في "دار الحديث السكرية"، بالإضافة أنه كان لديه درس لتفسير القرآن الكريم في الجامع الأموي ودرس "بالمدرسة الحنبلية" في دمشق. واجه ابن تيمية السجن والاعتقال عدة مرات، كانت أولها سنة 693 هـ/1294م بعد أن اعتقله نائب السلطنة في دمشق لمدة قليلة بتهمة تحريض العامة، وسبب ذلك أن ابن تيمية قام على أحد النصارى الذي بلغه عنه أنه شتم النبي محمد. وفي سنة 705 هـ/1306م سُجن في القاهرة مع أخويه "شرف الدين عبد الله" و"زين الدين عبد الرحمن" مدة ثمانية عشر شهراً إلى سنة 707 هـ/1307م، بسبب مسألة العرش ومسألة الكلام ومسألة النزول. وسجن أيضاً لمدة أيام في شهر شوال سنة 707 هـ/1308م بسبب شكوى من الصوفية، لأنه تكلم في القائلين بوحدة الوجود وهم ابن عربي وابن سبعين والقونوي والحلاج. وتم الترسيم(2) عليه في سنة 709 هـ/1309م مدة ثمانية أشهر في مدينة الإسكندرية، وخرج منه بعد عودة السلطان الناصر محمد بن قلاوون للحكم. وفي سنة 720 هـ/1320م سُجن بسبب "مسألة الحلف بالطلاق" نحو ستة أشهر. وسجن في سنة 726 هـ/1326م حتى وفاته سنة 728 هـ/1328م، بسبب مسألة "زيارة القبور وشد الرحال لها". وبالإضافة إلى ذلك، فقد تعرض للمضايقات من الفقهاء المتكلمين والحكام بسبب عقيدته التي صرح بها في الفتوى الحموية في سنة 698 هـ/1299م والعقيدة الواسطية في سنة 705 هـ/1306م التي أثبت فيهما الصفات السمعية التي جاءت في الكتاب والسنة مثل اليد والوجه والعين والنزول والاستواء والفوقية، مع نفي الكيفية عنها. عاصر ابن تيمية غزوات المغول على الشام، وقد كان له دور في التصدي لهم، ومن ذلك أنه التقى 699 هـ/1299م بالسُلطان التتاري "محمود غازان" بعد قدومه إلى الشام، وأخذ منه وثيقة أمان أجلت دخول التتار إلى دمشق فترة من الزمن. ومنها في سنة 700 هـ/1300م حين أشيع في دمشق قصد التتار الشام، عمل ابن تيمية على حث ودفع المسلمين في دمشق على قتالهم، وتوجهه أيضاً إلى السُلطان في مصر وحثه هو الآخر على المجيء لقتالهم. إلا أن التتار رجعوا في ذلك العام. وفي سنة 702 هـ/1303م اشترك ابن تيمية في "معركة شقحب" التي انتهت بانتصار المماليك على التتار، وقد عمل فيها على حث المسلمين على القتال، وتوجه إلى السُلطان للمرة الثانية يستحثه على القتال فاستجاب له السلطان. وقد أشيع في ذلك الوقت حكم قتال التتار حيث أنهم يظهرون الإسلام، فأفتى ابن تيمية بوجوب قتالهم، وأنهم من الطائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام. وخرج ابن تيمية أيضاً مع نائب السلطنة في دمشق في سنة 699 هـ/1299م وفي سنة 704 هـ/1305م وفي سنة 705 هـ/1305م لقتال أهل "كسروان" و"بلاد الجرد" من الإسماعيلية والباطنية والحاكمية والنصيرية، وقد ذكر في رسالة للسُلطان أن سبب ذلك هو تعاونهم مع جيوش الصليبيين والتتار. ظهر أثر ابن تيمية في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي، فقد ظهر في الجزيرة العربية في حركة محمد بن عبد الوهاب، وظهر أثره في مصر والشام في محمد رشيد رضا من خلال الأبحاث التي كان ينشرها في "مجلة المنار"، وظهر تأثيره في المغرب العربي في الربع الثاني من القرن العشرين عند عبد الحميد بن باديس وفي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. وانتقل تأثيره إلى مراكش على أيدي الطلبة المغاربة الذين درسوا في الأزهر. وهناك من يقول أن تأثيره في مراكش أقدم حينما ظهر تأييد السلطانين محمد بن عبد الله وسليمان بن محمد لحركة محمد بن عبد الوهاب، وأنه ظهر في موجة ثانية في أوائل القرن العشرين على يد كل من القاضي محمد بن العربي العلوي وعلال الفاسي. وفي شبه القارة الهندية فقد وصلت آراؤه إلى هناك مبكراً في القرن الثامن الهجري بعد قدوم بعض تلاميذه إليها، منهم "عبد العزيز الأردبيلي" و"علم الدين سليمان بن أحمد الملتاني" واختفى أثره فيها إلى القرن الحادي عشر الهجري، حتى ظهرت "الأسرة الدهلوية" ومنها ولي الله الدهلوي وابنه عبد العزيز الدهلوي وإسماعيل بن عبد الغني الدهلوي الذين كانوا كلهم متأثرين بابن تيمية. ومن المتأثرين به النواب صديق حسن خان القنوجي البخاري ونذير حسين الدهلوي وعبد الرحمن المباركفوري وشمس الحق العظيم آبادي، بالإضافة إلى شبلي بن حبيب الله النعماني وأبو الكلام آزاد. ويبرز استدلال السلفية الجهادية بكتب وفتاوى ابن تيمية في عدة مواقف، كما يظهر تأثر رموز هذا التيار به مثل محمد عبد السلام فرج وأسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي. منهجه في الفقه نشأ ابن تيمية حنبلي المذهب، واستقى عن أبيه وجده الفقه وأصوله، واستفاد كثيراً من أصول أحمد بن حنبل وفقهه، ولكنه لم يلتزم في آرائه وفتاويه بما جاء عند أحمد إلا عن اقتناع وموافقة الدليل، فيعتبره البعض مجتهداً، ويعتبره آخرون أنه مجتهد منتسب إلى مذهب الحنابلة، لا يفتي إلا بما قام عليه الدليل، وإن خالف مذهب الحنابلة أو بقية فقهاء المذاهب الأخرى. ويذكر ابن رجب الحنبلي أنه تتبع فتاوى الصحابة والتابعين فصار عليماً بها، وعُني بدراسة فقه المذاهب الأخرى ووقف على آراء فقهائها واختلافهم. ومن أجل هذا كان يذهب في أحكامه إلى ما يقوم به الدليل دون الالتفات إلى أي مذهب، ويقول الذهبي في ذلك: «وفاق الناس في معرفة الفقه، واختلاف المذاهب، وفتاوى الصحابة والتابعين، بحيث إذا أفتى لم يلتزم بمذهب، بل بما يقول دليله عنده.» وكان يعتبر أن مذهب أحمد بن حنبل أمثل المذاهب الإسلامية وأقربها إلى السنة فيقول: «أحمد كان أعلم من غيره بالكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولهذا لا يكاد يوجد له قول يخالف نصاً كما يوجد لغيره، ولا يوجد في مذهبه قول ضعيف إلا وفي مذهبه قول يوافق القول الأقوى، وأكثر مفاريده التي لم يختلف فيها يكون قوله فيها راجحاً.» كان لابن تيمية آراء خالف فيها كل المذاهب الفقهية، أو المشهور من أقوال فقهائها، فقد كان يوافق بعض أئمة المذاهب الأربعة في بعض الأحيان، وأحياناً يخالف المعروف من آرائهم ومذاهبهم، ويسمي كثير من مؤرخيه هذا بمفرداته وغرائبه في الفقه. ولقد لقي ابن تيمية كثيراً من المتاعب بسبب آرائه الفقهية التي انفرد بها، لأنها كانت غير مألوفة في عصره من الفقهاء وأئمة الحديث الذين أبوا عليه أن يتوغل في مسائل لم ترد في أقوال كبار الفقهاء، أو لم يجمع عليها الصحابة والتابعون حسب ظنهم. ولقد لقي بسب أحد فتاويه "المسألة الحموية" كثيراً من السخط عليه، وجادل وناظر وسجن ومُنع من الإفتاء. ويذكر ابن رجب الحنبلي أن العلماء في عصره كرهوا له التفرد ببعض المسائل، فيقول: «فكثير من العلماء، من الفقهاء والمحدثين والصالحين، كرهوا له التفرد ببعض شذوذ المسائل التي أنكرها السلف على من شذ بها، حتى أن بعض القضاة من أصحابنا -الحنابلة- منعه من الإفتاء ببعض ذلك.» ويذكر ابن قيم الجوزية أن ابن تيمية لم ينفرد عن غيره بمسائله ولم يخالف الإجماع، فهو يقول أنه لا يعرف مسألة خرق ابن تيمية فيها الإجماع، ويقول أن ما نسب إلى ابن تيمية أنه خالف فيه الإجماع ينقسم إلى أربعة أقسام، فيقول: ابن تيمية الأول: ما يستغرب جداً، فينسب إليه أنه خالف الإجماع لندور القائل به وخفائه على الناس، لحكاية بعضهم الإجماع على خلافه. الثاني: ما هو خارج من مذاهب الأئمة الأربعة، وقال به بعض الصحابة، أو التابعين، أو السلف، والخلاف فيه محكي. الثالث: ما اشتهرت نسبته إليه، مما هو خارج عن مذهب الإمام أحمد، لكن قد قال به غيره من الأئمة وأتباعهم. الرابع: ما أفتى به واختاره، مما هو خلاف المشهور في مذهب أحمد، وأن محكياً عنه وعن بعض أصحابه، وأهم الأقوال التي اشتد فيه النزاع، وادعى خصومه أنه خرق بها الإجماع هي المسائل التالية: الطلاق، والوسيلة، وشد الرجال إلى غير المساجد الثلاثة، حرم مكة، والمدينة والمسجد الأقصى. ابن تيمية وكان ابن تيمية لا يرى أن الحق في مذهب معين ولا يخرج عنه، ويعتقد أن كل الأئمة بحثوا عن الحق وكل منهم اجتهد في طلبه، ويذكر محمد أبو زهرة في ذلك أن ابن تيمية قرر ثلاثة أمور في هذا الموضوع: أولها: أنه يقدر الأئمة الأربعة من ناحية منازلهم الفقهية، وأن ذلك بدا في دراساته المختلفة لآراء الفقهاء والموازنة بينها، واختياره أمثلها للعمل، وكان يبدي تقديره لآرائهم التي يعتقد أنها خطأ أو صواب، وألف في ذلك رسالة سماها "رفع الملام عن الأئمة الأعلام". والثاني: أنه يوصي الفقيه المحقق ألا يلتزم مذهباً معيناً إذا وجد الحق في غيره، وأن لا يتعصب لأحد المذاهب. ويقسم ابن تيمية الناس ثلاثة أقسام في مسألة أن يترك الشخص مذهباً قلده لما يظنه الحق في غيره، فالقسم الأول: من يتبين له رجحان قول آخر على قول إمامه الذي التزم مذهبه، وهو يعرف الأدلة التفصيلية، ويدرك الراجح والمرجوح، وعنده أدوات الموازنة، ومعرفة الأحكام من النصوص والأقيسة، فهذا يكون الواجب عليه أن يتبع الحق حسب قوله. والقسم الثاني: هو الشخص الذي ليس قدرة على الاستنباط، وهذا لا يتبع الدليل بل يتبع رجلاً مجتهداً، ولا ينتقل من رأي إلى رأي إلا تبعاً لغيره، ويقول: «بأن يرى أحد الرجلين أعلم بتلك من الآخر، أو اتقى الله فيما يقول، فيرجع عن قول لمثل هذا، فهذا يجوز، بل يجب، وقد نص على ذلك الإمام أحمد.» والقسم الثالث: من ينتقل من مذهب إلى مذهب من غير دليل إن كان من أهل الاستدلال أو من غير مقصد ديني إن كان من العامة، بل ينتقل لهوى ومصلحة، ومن غير عذر شرعي، وطلباً لليسر، فابن تيمية يذكر أن أحمد بن حنبل وغيره قد نهوا عنه، لأنه عبث بالمذاهب والشريعة. والثالث: أن يترك المذاهب كلها إذا وجد حديثاً يخالفها، فقد كان ابن تيمية يترك المذهب إذا وجد حديثاً نبوياً يخالف قول أحد الأئمة، ويأخذ بالحديث. أصوله لم يكن ابن تيمية صاحب مذهب فقهي معروف باسمه، وإنما كان يرجع في أصوله إلى مذهب أحمد بن حنبل ليستنبط منه أحكامه، لذلك كانت أصوله في مجملها هي أصول أحمد بن حنبل. وأصول أحمد هي: الكتاب والسنة النبوية والإجماع والقياس والاستصحاب والمصالح المرسلة. وعند عدم الوقوع على النص كان يلجأ إلى فتوى الصحابة، وإذا تعددت آراء الصحابة في المسألة الواحدة كان يلجأ إلى اختيار أقربها إلى الكتاب والسنة. .
عرض المزيد