تحميل كتاب وثلث لطعامك pdf ورد حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- في العديد من كتب الحديث الشريف؛ فقد أخرجه الترمذي، ورواه النسائي في السنن الكبرى، ورواه أحمد والطبراني مع اختلاف بسيط باللفظ؛ فروى المقدام بن معدي كرب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما ملأَ آدمَيٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ حسْبُ ابنِ آدمَ أُكلاتٌ يُقِمنَ صلبَهُ فإن كانَ لا مَحالةَ فثلثُ طعامٍ وثلثُ شرابٍ، وثلثٌ لنفسِهِ) [الآداب الشرعية| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وفي رواية ابن ماجة: (ما ملأَ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ حسْبُ الآدميِّ لقيماتٌ يُقِمنَ صلبَهُ فإن غلبتِ الآدميَّ نفسُهُ فثُلُثٌ للطَّعامِ وثلثٌ للشَّرابِ وثلثٌ للنَّفَسِ) [صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. وفي حديث أخر ينهى فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الإكثار من الطعام، ما روي عن أبي هريرة: (أنَّ رَجُلًا كانَ يَأْكُلُ أكْلًا كَثِيرًا، فأسْلَمَ، فَكانَ يَأْكُلُ أكْلًا قَلِيلًا، فَذُكِرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: إنَّ المُؤْمِنَ يَأْكُلُ في مِعًى واحِدٍ، والكافِرَ يَأْكُلُ في سَبْعَةِ أمْعاءٍ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. الإسراف في الطعام نهى الإسلام عن الإسراف في كثير من المواضع كالإسراف في الأكل، والإسراف في الزينة،والإسراف في إنفاق المال وذكر ذلك في أكثر من موضع في القرآن الكريم، قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31] ، وقال سبحانه وتعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) [الإسراء: 29]، وقال أيضًا :(وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء: 26-27]، والهدف والغاية من عدم الإسراف بالأكل والشرب حفظ الجسم وعدم إلحاق الضرر به؛ فالآيات الكريمة والأحاديث النبوية تحث على الاعتدال، ولا يشترط بعدم الإسراف تحديد عدد الوجبات؛ فعند شعور المسلم بالجوع يأكل من غير إسراف، وإن تكرر شعوره بالجوع؛ فمن غايات تناول الطعام تقوية الجسد على الطاعة، وتقوية الجسد تكون بتناول الطعام باعتدال من غير إسراف يسبب التخمة المؤدية إلى الكسل، ومن غير تقشف يورث الجسد الهزل والضعف، ولا يكون ذلك بتحديد عدد الوجبات، إنما يكون بأكل حال الجوع على ألا يكون الأكل فوق الشبع. آداب الطعام والشراب آداب الطعام كثيرة، ومنها: بدء الطعام بالبسملة، روت عائشة أم المومنين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أكَل أحَدُكم فلْيَذكُرِ اسمَ اللهِ فإنْ نَسِي أنْ يَذكُرَ اسمَ اللهِ في أولِه فلْيَقُلْ: بسمِ اللهِ أولَّه وآخِرَه) [إرواء الغليل| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وحكم التسمية فيه قولًا القول الأول سنة، والقول الثاني واجب، والأصوب ألّا تترك. أكل المسلم مما يليه من الطعام؛ فلا يجوز التعدي على موضع من يشارك المسلم؛ ففيه سوء أدب وترك الذوق في حق من يشارك فى الطعام، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. لعق الأصابع بعد الانتهاء من الطعام؛ فالسنة عدم مسح الأصابع بمنديل أو ما شابه قبل لعق الأصابع؛ فعن جابر بن عبد الله -رضى الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سقَطَتْ لُقمةُ أحَدِكم، فلْيُمِطْ ما كان بها من أذًى، ثُم لِيأكُلْها، ولا يَدَعْها للشَّيطانِ، ولا يَمسَحْ أحَدُكم يَدَه بالمِنديلِ، حتى يَلعَقَ أصابِعَه أو يُلعِقَها؛ فإنَّه لا يَدْري في أيِّ طعامِه البَرَكةُ) [تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وفي رواية عبد الله بن عباس عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أكَلَ أحَدُكُمْ فلا يَمْسَحْ يَدَهُ حتَّى يَلْعَقَها أوْ يُلْعِقَها) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح] تنظيف ما في الإناء من طعام؛ فلا يُبقِ في الصحفة أو الصحن بقايا الطعام؛ بل يحرص على أكل جميع ما فيه؛ فلا يدري لعل البركة فيما تبقى؛ فعن أبي هريرة -رضى الله عنه- فيما رواه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا أكَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَلْعَقْ أصابِعَهُ، فإنَّه لا يَدْرِي في أيَّتِهِنَّ البَرَكَةُ)، وفي روايةٍ: بهذا الإسنادِ غير أنه قال: (ولْيَسْلُتْ أحَدُكُمُ الصَّحْفَةَ)، وقالَ: (في أيِّ طَعامِكُمُ البَرَكَةُ، أوْ يُبارَكُ لَكُمْ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. ختم الطعام أو الشرب بحمد الله وشكرة على النعمة؛ فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ ليرضى عنِ العبدِ أن يأكلَ الأَكْلةَ، أو يشربَ الشَّربةَ، فيَحمدَهُ عليها) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وليس للحمد صيغة محددة؛ فمنها ما رواه أبو أمامة الباهلي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا رفع مائدته قال: (الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غيرَ مَكْفِيٍّ ولَا مُوَدَّعٍ ولَا مُسْتَغْنًى عنْه، رَبَّنَا) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ومعنى غيرَ مَكْفِي: غير محتاج لأحد من الخلق؛ فالله الذي يطعم خلقه جميعًا. أكل الطعام في جماعة؛ فمن السنة اجتماع المسلمين على الطعام، ودليل ذلك ما جاء عن عبدالله بن عمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلوا جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا؛ فإنَّ طَعَامَ الوَاحِدِ يَكْفي الاثْنَيْنِ، وطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفي الأربعَةَ) [صحيح الترغيب| خلاصة حكم المحدث: حسن لغيره]، وكذلك ما رواه جابر بن عبدالله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (طَعَامُ الوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. مدح الطعام؛ فمن السنة مدح الطعام بما فيه من طيب الطعم أو المكونات ولا يذكر إلا حق، ومن السنة أيضًا عدم ذم الطعام؛ فعن أبي هريرة قال: (ما عَابَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعَامًا قَطُّ، إنِ اشْتَهَاهُ أكَلَهُ وإلَّا تَرَكَهُ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. الدعاء لأهل الطعام، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا أكل طعامًا دعى لأهله بالبركة، ومن السنة إذا دُعِي المسلم إلى طعام أن يلبي الدعوة وإن كان صائمًا، قال أبو هريرة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُجِبْ، فإنْ كانَ صَائِمًا، فَلْيُصَلِّ، وإنْ كانَ مُفْطِرًا، فَلْيَطْعَمْ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. موافقة العلم للحديث الشريف المعدة جزء من الجهاز الهضمي، وهي أوسع أجزاء الجهاز، وتتصل مع المريء من الأعلى عند الصمام القلبي الذي يمنع رجوع الأكل إلى المريء، ومع الأمعاء الدقيقة من الأسفل عند صمام البواب، وهو أيضًا يغلق عند وجود الأكل في المعدة، وعلميًا تقسم المعدة لأقسام ثلاث: قاع المعدة، وجسم المعدة، ومنطقة الغار البوابي، وتتصل مع المعدة مجموعة من الأعصاب المسؤولة عن حركة الأمعاء وتنشيط أو تثبيط إفراز عصارة المعدة، ويتجتمع الطعام في المعدة ليختلط مع عصارة المعدة والعصارة الحمضية لتتم عملية الهضم، وتوجد كمية قليلة من العصارة حال خلو المعدة من الطعام، وتزداد العصارة مع وجود الطعام، ويعتمد إفراغ المعدة على نوع الطعام؛ فالدهون تحتاج لوقت أطول من البروتين أو الكربوهيدرات، وبقاء المعدة ممتلئة بالطعام فترات طويلة يُبقي العصارة الهضمية في المعدة فترات طويلة؛ مما يقلل من كفاءة عملية الهضم. ويرى الكثير من الأطباء أن الأمرض التي تؤثر على حياة الأنسان ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالإسرف بالطعام والشراب وطريقة تناول الأطعمة من حيث الوقت والكمية، ومن هذه الأمراض: أمراض القلب، وتصلب الشرايين، وتكون حصى المرارة، ومرض السكري، ومرض ضغط الدم، والأمراض النفسية والاجتماعية المرتبطة بزيادة الوزن وشكل الجسم؛ فتنظيم وجبات الطعام إضافة إلى العناية بالأطعمة الطبيعية والصحية يزيد من الصحة الجسدية، ويقلل التوتر والعصبية، والصحة سبب من أسباب السعادة[٤]. قال المصنف حفظه الله : «فإن الله خلقنا لأمر عظيم, وسخر لنا ما في السموات والأرض جميعًا منه, وسهل أمر العبادة, وأغدق علينا من بركات الأرض؛ لتكون عونًا على طاعته. ولتوسع الناس في أمر المأكل والمشرب حتى جاوزوا في ذلك ما جرت به العادة, أحببت أن أذكر نفسي وإخواني القراء بأهمية هذه النعمة ووجوب شكرها وعدم كفرها. وهذا هو الجزء «الثامن عشر» من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟» تحت عنوان «وثلثٌ لطعامك»». .
عرض المزيد