تحميل كتاب أَثر اعتبار المصالح والمفاسد في الفتوى pdf 2013م - 1443هـ نبذه عن الكتاب: أولاً: قواعد في اعتبار المصالح: القاعدة الأولى: الشريعة مبناها على تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم في الدنيا والآخرة: مصالح العباد ليست محدودة بالدنيا فقط بل تشمل مصالح الدنيا والآخرة،ومن ذلك إقامة الحدود على مستحقيها،فإنها مصلحة في الدنيا بردعهم ، ومصلحة في الآخرة – وهي الأعظم- بتكفير ذنبهم ففي حديث عبادة بن الصامت:” ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم عُوقب به في الدنيا فهو كفارةٌ له”.متفق عليه ، وهذا مما يميز الشريعة الإسلامية عن الأنظمة الوضعية التي تنظر إلى تلك العقوبات على أنها مصادمة لحقوق الإنسان .. يقول الإمام الشاطبي: « وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل»[1]. ويقول الإمام ابن القيم:« إن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل »[2]. ) ويقول – أيضاً – : «أساس الشريعة الإسلامية جلب كل مصلحة تنفع العباد ودرء كل مفسدة تضر بهم». وهذه القاعدة تضمن أمور([3]) : الأمر الأول: أن الشارع لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة، ولا ينهى إلا عما مفسدته خالصة أو راجحة. وهذا الأصل شامل لجميع الشريعة لا يشذ عنه شيء من أحكامها . الأمر الثاني: أن هذه الشريعة لم تهمل مصلحة قط، فما من خير إلا وقد جاءت به، وما من شر إلا وقد حذرت منه. الأمر الثالث: أنه لا يمكن أن يقع تعارض بين الشرع والمصلحة، إذ لا يتصور أن ينهى الشارع عما مصلحته راجحة أو خالصة، ولا أن يأمر بما مفسدته راجحة أو خالصة. الأمر الرابع: أن من ادعى وجود مصلحة لم يرد بها الشرع فأحد الأمرين لازم له: – إما أن الشرع دل على هذه المصلحة من حيث لا يعلم هذا المدعي. – وإما أن ما اعتقده مصلحة ليس بمصلحة. فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : (والقول الجامع : أن الشريعة لا تهمل مصلحة قط ، بل الله تعالى قد أكمل لنا الدين وأتم النعمة ، فما من شيء يقرب إلى الجنة إلا حدثنا به النبي – صلى الله عليه وسلم – ، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك . لكن ما اعتقده العقل مصلحة وإن كان الشرع لم يرد بها فأحد أمرين لازم له: – إما أن الشرع دل عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر ، – أو أنه ليس بمصلحة وإن اعتقده مصلحة ، لأن المصلحة هي المنفعة الحاصلة أو الغالبة وكثيرا ما يتوهم الناس أن الشيء ينفع في الدين والدنيا ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضرة ، كما قال تعالى : [قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ] [سورة البقرة:219] وكثير مما ابتدعه الناس من العقائد والأعمال من بدع أهل الكلام وأهل التصوف وأهل الرأي وأهل الملك ، حسبوه منفعة أو مصلحة نافعا وحقا وصوابا وليس كذلك فإذا كان الإنسان يرى حسنا ما هو سيئ كان استحسانه أو استصلاحه قد يكون من هذا الباب)([4]). فمفهوم هذه القاعدة كما قال شيخ الإسلام (أن الشريعة لا تهمل مصلحة قط ، بل الله تعالى قد أكمل لنا الدين وأتم النعمة) ، فلن تجد مصلحة إلا وقد راعتها الشريعة ، ومن ادعى غير ذلك فقد لزمه اتهام الشريعة بالنقص وأن عقله قد تنبه لمصلحة لم يذكرها الوحي، وهو محال مردود!! القاعدة الثانية: أن المصلحة المعتبرة هي التي تحافظ على مقصود الشارع : المصلحة في لغة العرب تتضافر معانيها على أن «المصلحة هي جماع الخير» ، فجاءت بمعنى: · الصلاح ضد الفساد. · الرأفة والرحمة في التعامل “أصلح الدابة: أحسن إليها”. · الصلح وهو السلم، وهو ملازم للأمان والاطمئنان والاجتماع. · “صلاح” وهو من أسماء مكة التي جعلها الله حرما آمنا. وفيها يكون الاجتماع وهو ما يتناسب مع تعريفها الاصطلاحي فجماع الخير في الدنيا والآخرة هو ما جاءت به الشريعة ، لذا عرفوا المصلحة الشرعية أنها : (المحافظة على مقصود الشارع) . يقول الغزالي: (فإن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق، وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم لكن نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشارع، ومقصود الشارع من الخلق خمسة وهي أن يحفظ لهم دينهم وأنفسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم. وكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة وكل ما يفوتها فهو مفسدة ودفعها – أي المفسدة- مصلحة). أما الإمام الشاطبي فقال: (انبنت الشريعة على قصد المحافظة على المراتب الثلاث من الضروريات والحاجيات والتحسينات وكانت هذه الوجوه مبثوثة فى أبواب الشريعة) ، وقال – أيضاً – : (والحفظ لها يكون بأمرين أحدهما ما يُقيم أركانها ويُثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود، والثاني ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارةً عن مراعاتها من جانب العدم) .
عرض المزيد