تحميل كتاب مع المتنبى pdf كتب الكثير عن المتنبي، وجال الأدباء والنقّاد في شخصه وفي شعره طويلاً وسطروا فصولاً عن حياته وفصولاً عن شعره وعن مكامن الإبداع فيه، إلا أنه يبقى لما كتبه طه حسين في هذا الشاعر وعنه نكهة خاصة، فبقدر ما كشف طه حسين عن خيوط دقيقة في سيرة هذا الشاعر الخلاق، كشف طه حسين في الوقت نفسه عن ذاته وعن كينونته الأدبية المعطاءة، التي هي نتاج نفسي إنسانية وعقل متدبر وفكر أدبي باحث فبدع يكسر حواجز المألوف والمكرر.
ربما حوت فصول كتاب طه حسين هذا معلومات جاءت دائماً في الكتب التي تحدثت عن المتنبي سيرة وشعراً، إلا أنها تميزت بكونها حديث سلس وكأن الكاتب كان خلالها مع الشاعر حساً وعقلاً. ونفساً تحدث طه حسين عن صبا المتنبي وشبابه وحياته وعطائه الشعري في ظل الأمراء وفي ظل سيف الدولة وفي ظل كافور وتحدث عن كل ما شاع عنه إلا أنه حديثه هذا كان قرب للاسترسالات الفكرية التي هي خواطر مرسلة أثارتها في نفسه قراءات المتنبي في قرية من قرى الألب في فرنسا كما أثارها حديث الناس عن هذا الشاعر، فمضى مع فكره في ثنايا ما كتب عنه وفيما جال في نفسه أيضاً عنه في محاولة لاستكشاف السر في حب المحدثين له وإقبالهم عليه، وإسرافهم في هذا الحب والإقبال، كما أسرف القدماء في العناية به حباً وبغضاً، وإقبالاً وإعراضاً.