تحميل كتاب فأوحى لها pdf قصص شيقة جدا، من الواقع تناقش أغلب القضايا المسكوت عنها بأسلوب أدبي ولغة مهذبة . وسط خضم هذه الكتب وقعت تحت يدي مجموعة قصصية حقيقية للأديبة دعاء أحمد شكري عنونتها بـ »فأوحي لها« والتي أهدتها إلي كل روح طيبة تؤرق بأوجاع الآخرين. المجموعة تقع في حوالي مائة صفحة أو أقل قليلاً وتحتوي علي خمسة وخمسين قصة وكما قالت في السيرة الذاتية أن هذه المجموعة هي الثانية بعد مجموعتها الأولي »ندي العشاق« ولها تجربة في النثر بعنوان »في بحر الحب« ولها تحت الطبع » مجموعة قصصية باسم" طقوس المتعة". وتحت الإنشاء "سحر الروح" لن أستطيع أن أتحدث عن كل قصص المجموعة وإن كانت كل قصة تحتاج إلي حديث مطول عنها قد يفوق حجم أضعاف أضعاف المجموعة لذا سيكون الكلام في عموم المجموعة التي لها خط واضح مكتوب عليه دعاء أحمد فهي مجموعة لا تقلد ولن تراها لدي أي أديب سواء قديم أو حديث فهي لها عالمها الخاص بها ومفرداتها الخاصة بها لذا إذا قرأت قصة لها في إحدي الصحف بدون توقيع اسمها ستعرف فورًا أنها لدعاء أحمد، فهي لها بصمتها الخاصة بها أي لا نستطيع أن نقول جملة »هذه القصة مثل قصة فلان أو غيره« وهذه أولي مقومات المبدع الحقيقي أن يكون نفسه وأن يخلق عالمه دون تقليد أو تأثر بآخرين مهما كانوا عظماء.. الخط الذي يميز قصص المجموعة وأعتقد أن ما يميز دعاء ذاتها في كل أعمالها أنها لا تكتب نص ولكن تنحت النص بمجموعة جمل منتقاه لذا استخدمت تعبير تحت الإنشاء بدلًا من تحت الطبع فهي بالفعل تقوم بدور صاحب الأرض والمهندس والموردين والبنائين والعمال وبعدما يكتمل البناء تبدأ في البيع لذا لا يوجد نص به تناقض بل تجانس فذ حتي وهي تكتب بعض الجمل العامية المخلوطة بالفصحي وكأنها تضع مواد البناء في »الخلاطة« كي تخرج مادة تصب بها الأعمدة ومسطح البناء. دعاء تقوم في أكثر من قصة باستدعاء التراث المصري من الأمثال الشعبية فتقول في قصة »عافاك الله« يجعل سره في أبرأ خلقه« فتتماهي الجملة مع المثل الشعبي »يوضع سره في أضعف خلقه« ونفس الأمر يتكرر في قصة »وعجبي« حين تقول »ليس كل بريق ظاهر.. بباطنه حقيقة لامعة« فتستدعي ذاكرتك المثل الفرنسي »ليس كل ما يلمع ذهبًا«. المجموعة تعتمد في خطها العام علي الواقعية التي نراها في حياتنا اليومية ولكن دون مباشرة فجة، فتسير معها فإما تجد النهاية المنطقية في عصر الألفية الثالثة أو تجد صدمة لم تتوقعها رغم أنها واقع نحياه بل ونصدم به أيضًا. بعض القصص لدي دعاء أحمد شكري بها واقعية سحرية مثل قصة ملكوت وقصة »عجائب القلب الروعة« وقصة »حلم أم علم« وقصة »الكا« وعودة زليخة«. استخدمت دعاء مفردات من الحياة العصرية ولكن استطاعت مزجها بشاعرية اللغة وكما ذكرت هي تنحت الجملة فلا تخلو قصة من جملة مبذول فيها جهد واضح، هذا الجهد يجبرك علي الوقوف أمام الجملة لتقرأها أكثر من مرة مثال في قصة محاكمة »دهاني جنون العشق فعبرت بلغتي عن غرامي به وأطفأت ناري بمائه البارد تارة وأدفأت بأنفاسه ثلج حرماني الذي فتت أضلعي تارة أخرى.. لم أذنب مرة واحدة منذ ربع قرن.. لكني أجرأ منك.. اشتهيته فالتهمته ولو حلمًا فهطلت أمطار الروح. وفي قصة »جرم امرأة« نجد عدة جمل منحوتة مثال »أثملته الحرباء المرنة التي تتلون بشتي ألوان الأنثي الطاغية كما وسوس له شيطان العشق بأنه ليس علي السكير حرج«. »فأوحي لها« مجموعة متميزة بها صوت المرأة عالي يناقش قضايا عدة بل أدق قضاياها والتي تبدأ من الكبت الذي تحياه المرأة في المجتمع الشرقي ورغم أن دعاء حاولت بكل الطرق أن تبحث عن لغة بديلة حتي لا تقع في المباشرة حين تتحدث عن الخيال والواقع.. بين العقل والجنون.. تستخدم الواقعية السحرية والميتافيزيقا والتراث واستدعاء الموروث الشعبي واستخدام اللغة العصرية وتطويع الجملة حتي لا تقع في صراحة تراها هي.. أنها ستُحسب ضدها حين تتحدث عن مكنون الأُنثي وحقها الطبيعي في أن تحيا حياة جنسية سوية، ولكن الخوف يحاصرها. هناك متعة حقيقية في مطالعة مجموعة »فأوحي لها« ومؤكد أن الساحة ستشهد انطلاق أديبة اسمها دعاء أحمد شكري ستثري المكتبة بمجموعات قادمة دعاء تمتلك قوة تركيب جملة متفردة خاصة بها وحدها ويجب أن تحافظ علي ذلك بكل ما تملك عقلها مصنع يعيد إنتاج الكلمات إلي جمل. ما سبق كتب بقلم رئيس تحرير جريدة منبر التحرير/ إسحاق روحي.
عرض المزيد