تحميل كتاب التفنيد ل الترشيد لابن أبي العينين pdf أما بعد: فقد طلب مني بعض المحبين أن أكتب شيئا أعرف فيه بنفسي، وهذا الأمر من أبغض شئ إلى نفسي، وأنا أعرف بحالي من غيري، ومما أعرفه عن نفسي أنني لا أستحق أن أُذكر. وقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم مدارج السالكين : ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيميه قدس الله روحه من ذلك أمراً لم أشاهدة من غيره، وكان يقول كثيراً: (مالي شيء، ولا منى شيء، ولا فيَ شيء).. وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت: (أنا المكدي وابن المكدي وهكذا كان أبى وجدي).. وكان إذا أثني عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعد إسلاماً جيداً. وبعث إلىَ في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه: أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسكين في مجموع حالاتي أنا الظلوم لنفسي وهى ظالمتي ... والخير إن يأتينا من عنده يأتي لا أستطيع لنفسي جلب منة ... ولا عن النفس لي دفع المضرات وليس لي دونه مولى يدبرني ... ولا شفيع إذا حاطت خطيئاتى إلا بإذن من الرحمن خالقنا ... إلى الشفيع كما جاء في الآيات ولست أملك شيئاً دونه أبداً ... ولا شريك أنا في بعض ذرات ظهير له كي يستعين به ... كما يكون لأرباب الولايات والفقر لي وصف ذات لازم أبداً ... كما الغنى أبداً وصف له ذاتي وهذه الحال حال الخلق أجمعهم ... وكلهم عنده عبد له آتي فمن بغى مطلباً من غير خالقه ... فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي والحمد لله ملء الكون أجمعه ... ما كان منه وما بعد قد يأتيفإذا كان هذا وصف ابن تيميه لنفسه، وهو من هو فماذا عسى لمثلى أن يقول، ولولا إلحاح المحبين لكتابة شيء في ذلك لما أقدمت عليه أبداً، وعلى كل حال فإنني أعتبر هذه الكلمات تعارف بيني وبين أحبابي.
عرض المزيد