تحميل كتاب أربعون كلمة دعوية pdf 2007م - 1443هـ الأصل الأول الذي وُجد لأجله الإنسان في الحياة الدنيا هو عبادة الله سبحانه وتعالى، وتوحيده دون غيره من المخلوقات، فقد قال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[١] والطريق إلى عبادة الله -سبحانه وتعالى- يكون عن طريق الدعوة إلى الإيمان به، لمن أشرك به أو كفر بوجوده، ليعلم أنّ الكُفر أو الشِّرك به باطل، وأنّ الحقّ يكون في اتّباع ما أمر به الله تعالى، وترك ما كان يعبد الناس من أصنام وأوثان من دون الله، والدعوة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة وتبادل الأدلّة بالمنطق؛ لتبيين الحقّ ودحض الباطل، قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)،[٢] فينبغي أن تكون الدعوة كما أمر الله -تعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة، فما هي كيفيّة الدعوة إلى الله؟ للدعوة عدّة معانٍ لغةً واصطلاحاً حسب المراد منها، وفيما يأتي بيان ذلك: الدَّعوة لغةً: مصدر دَعا يدعو دَعوَةً، وجمعها دَعْوات ودَعَوات، والدعوة تأتي بمعنى الدعاء، والدعوة الإسلاميّة هي الدعوة إلى الإسلام، وشهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً رسول الله. الدَّعوة اصطلاحاً: يُقسَم معنى الدعوة اصطلاحاً إلى معنيين رئيسين؛ الأوّل بمعنى الرسالة، وتختصّ هذه الحالة برسالة الإسلام، والثاني هو نشر رسالة الإسلام وتبليغها للناس كافّةً، وبناءً على هذين المعنيين، فإنّ معاني الدعوة اصطلاحاً كالآتي: الدَّعوة بمعنى الإسلام أو الرسالة: هي دين الله الذي بعث به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والذي تجدّد على لسان نبيّ الله محمد صلّى الله عليه وسلّم، فجاء بشريعةٍ كاملةٍ وافيةٍ لصلاح الدنيا والآخرة، وهي دين الله -تعالى- الذي ارتضاه للعالمين؛ تمكيناً لخلافتهم، وتيسيراً لضرورتهم، ووفاءً بحقوقهم، ورعايةً لشؤونهم، وحمايةً لوحدتهم، وتكريماً لإنسانيّتهم، وإشاعةً للحق والعدل فيما بينهم، وعرّفها آخرون بأنّها مجموعة من الضوابط المتكاملة التي تضبط السلوك الإنساني وتحدّده، ومن خلالها يتمّ تقرير الحقوق والواجبات. الدعوة بمعنى نشر رسالة الإسلام وتبليغها للناس: هي عند شيخ الإسلام ابن تيمية الدعوة إلى الإيمان بالله تعالى، وبما جاء به رسله عليهم السلام؛ بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا، وذلك يتضمّن الدعوة إلى الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت، والدعوة إلى الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشرّه، ودعوة العبد إلى عبادة الله -تعالى- كأنّه يراه، وقيل في تعريفها إنّها تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه إيّاهم، وتطبيقه في واقع الحياة، أو هي حثّ الناس على القيام بالأفعال الخيّرة، واجتناب أفعال الشرّ، وأمر الناس بالمعروف، ونهيهم عن المنكرات، وتحبيبهم بالفضائل، وتنفيرهم من الرذائل. كيفيّة الدعوة إلى الله شأنها عظيم، وهي من أهم الفروض والواجبات على المسلمين عموما وعلى العلماء بصفة خاصة، وهي منهج الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهم الأئمة فيها عليهم الصلاة والسلام، فالدعوة إلى الله طريق الرسل وطريق أتباعهم إلى يوم القيامة، والحاجة إليها بل الضرورة معلومة، فالأمة كلها من أولها إلى آخرها بحاجة شديدة، بل في ضرورة إلى الدعوة إلى الله والتبصير في دين الله والترغيب في التفقه فيه والاستقامة عليه، والتحذير مما يضاده أو يضاد كماله الواجب أو ينقص ثواب أهله ويضعف إيمانهم. فالواجب على أهل العلم بشريعة الله أينما كانوا أن يقوموا بمهمة الدعوة؛ لأن الناس في أشد الضرورة إلى ذلك في مشارق الأرض ومغاربها، ونحن في غربة من الإسلام وقلة من علماء الحق، وكثرة من أهل الجهل والباطل والشر والفساد. فالواجب على أهل العلم بالله وبدينه أن يشمروا عن ساعد الجد، وأن يستقيموا على الدعوة وأن يصبروا عليها يرجون ما عند الله من المثوبة ويخشون مغبة التأخر عن ذلك والتكاسل عنه، والله سبحانه وتعالى أوجب على العلماء أن يبينوا، وأوجب على العامة أن يقبلوا الحق وأن يستفيدوا من العلماء وأن يقبلوا النصيحة، يقول الله عز وجل: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33] فأحسن الناس قولا من دعا إلى الله وأرشد إليه وعلم العباد دينهم وفقههم فيه وصبر على ذلك وعمل بدعوته ولم يخالف قوله فعله ولا فعله قوله، هؤلاء هم أحسن الناس قولا، وهم أصلح الناس وأنفع الناس للناس، وهم الرسل الكرام والأنبياء وأتباعهم من علماء الحق. فالواجب على كل عالم وطالب علم أن يقوم بهذا العمل حسب طاقته وعلمه، وقد يتعين عليه إذا لم يكن في البلد أو في القبيلة أو في المكان الذي وقع فيه المنكر غيره فإنه يجب عليه عينا أن يقول الحق وأن يدعو إليه، وعند وجود غيره يكون فرض كفاية إذا قام به البعض كفى وإن سكتوا عنه أثموا جميعا. فالواجب على أهل العلم بالله وبدينه أن ينصحوا لله ولعباده، وأن يقوموا بواجب الدعوة في بيوتهم ومع أهليهم وفي مساجدهم وفي طرقاتهم وفي بقية أنحاء قريتهم وبلادهم وفي مراكبهم من طائرة أو سيارة أو قطار أو غير ذلك. هذه مجموعة كلمات جمعتها من هنا وهناك، وأضفت عليها شيئًا يسيرًا من عندي، وألقيتها على شكل كلمات قصيرة، في مساجد عدة، على مدى عشر سنوات، فأحببت المشاركة بها، والمساهمة ولو بالقليل في مجال الدعوة إلى الله. .
عرض المزيد