تحميل كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها pdf 2003م - 1443هـ عائشة رضي الله عنها : عائشة هي عائشة بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة بن عثمان بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن فهر بن مالك بن كنانة،وهي أم المؤمنين، وزوجة نبي الأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولدت في السنة التاسعة قبل الهجرة النبوية، ووالدتها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية رضي الله عنها، وعرفت عائشة رضي الله عنها بعدة ألقاب، ومنها: الصِّديقة، وأم المؤمنين، والحميراء؛ وذلك لغلبة الأبيض على لونها. نشأة عائشة رضي الله عنها : نشأت عائشة رضي الله عنها في بيت إيمانيّ، ومليء بأجواء الحكمة، والعلم، والكرم، والشرف، والنبل، والإيمان، وترعرعت في أحضان والديها الكريمين وبين أخوتها، وكانت التربية قائمة على الأدب، وحسن الخُلُق، إذ تعلّمت من أبيها أشعار العرب، وتعرّفت على أيامهم وأنسابهم، وتُعدُّ عائشة رضي الله عنها من أعظم من تربّى في مدرسة النبوة، فمنذ طفولتها سمعت آيات القرآن الكريم، والحكمة، وعندما وصلت العقد الثاني من عمرها كانت مستوعبة لكافة ثقافات مجتمعها، وتمكنت من التفوق على الآخرين في مختلف مجالات علوم عصرها، فرضي الله عنها وأرضاها. وفاة النبي محمد لما مرض النبي محمد مرضه الأخير، كانت رغبته أن يُمرّض في بيت عائشة، فأذنت له زوجاته. وفي فترة مرضه تلك، جاءه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال النبي محمد: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، فقالت عائشة: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ(2) وَمَتَى مَا يَقُومُ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلا يَسْتَطِيعُ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ»، فقال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ». وقالت عائشة بعد ذلك: «فَوَاللَّهِ مَا حَمَلَنِي حِينَئِذٍ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ إِلا كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْأَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ رَجُلٍ يَقُومُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ أَبَدًا». وفي يوم الوفاة، دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده السواك، وعائشة مسندة النبي محمد إلى صدرها، فرأته ينظر إلى عبد الرحمن فعرفت أنه يحب السواك، فقالت: «آخذه لك»، فأشار برأسه أن نعم، فناولته فاشتد عليه، فقالت: «ألينه لك؟» فأشار برأسه أن نعم، فلينته. ثم حضرت النبي محمد الوفاة، فتذكر عائشة ذلك قائلة: «فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي». ودفن النبي محمد في حجرة عائشة في المكان الذي توفي فيه. ويروي سعيد بن المسيب عن عائشة أنها رأت في منامها كأن ثلاثة أقمار سقطت في حجرتي، فسألت أباها، فقال: «يَا عَائِشَةُ، إِنْ تَصْدُقْ رُؤْيَاكِ يُدْفَنُ فِي بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ ثَلاثَةٌ»، فلما توفي النبي محمد ودفن، قال لها أبو بكر: « يَا عَائِشَةُ، هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ، وَهُوَ أَحَدُهَا». ثم دُفن بعد ذلك في حجرتها أبو بكر وعمر بن الخطاب، فكان ذلك تمام الثلاثة أقمار. بعد وفاة النبي محمد بعد وفاة النبي محمد واختيار أبي بكر خليفة للمسلمين، لزمت عائشة حجرتها، ولما أراد أزواج النبي أن يرسلن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن من النبي محمد، استنكرت عائشة وقالت لهن: «أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ». ولم تطل خلافة أبي بكر، فحضرته الوفاة بعد سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال من خلافته. وقد أشرفت عائشة على مرض أبيها، فكانت تعزي نفسها ببيت شعر قائلة: لعمرك ما يغني الثراء عن الفتىإذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر فنهاها أبو بكر عن ذلك وأمرها بتلاوة القرآن، وقال لها: « لا تَقُولِي هَكَذَا يَا بُنَيَّةُ، وَلَكِنْ قُولِي Ra bracket.png وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ Aya-19.png La bracket.png»، فعادت وأنشدت: وأبيض يستسقى الغمام بوجههربيع اليتامى عصمة الأرامل فقال أبو بكر: «ذَاكَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم». وقد أوصى أبو بكر عائشة أن يدفن بجوار النبي محمد، فلما توفي حفر له في حجرة عائشة، وجُعل رأسه عند كتفي النبي محمد. بعد وفاة أبي بكر، كرّست عائشة حياتها لنشر الدين الإسلامي، فكانت تروي الحديث وتفتي في أمور الدين، وكان عمر ثم عثمان يرسلان إليها فيسألانها. ولما طُعن عمر، أرسل ابنه عبد الله ليستأذن عائشة في أن يدفن إلى جوار النبي محمد وأبي بكر. فقالت عائشة: «قَدْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي». فعاد عبد الله بالخبر إلى أبيه، فقال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا أَنَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ، وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي وَإِنْ رَدَّتْنِي فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ». وبعد وفاته، عاد عبد الله فاستأذن عائشة، فأذنت له، فكان عمر ثالث ثلاثة دفنوا في حجرتها. رسم تُركي عُثماني لموقعة الجمل، وقد غُطي وجه كلًا من عائشة وعليّ باللون الأبيض. وفي عهد عثمان، حجّ عثمان بأمهات المؤمنين وفيهم عائشة، فأكرم منزلتهن فجعل عبد الرحمن بن عوف على مقدمة قاطرتهن، وسعيد بن زيد على مؤخرة القاطرة. وظلت عائشة على علاقة طيبة بعثمان حتى مقتله، فكانت من أوائل من طالب بدمه والقصاص من قتلته والثائرين عليه. كانت عائشة في مكة وقت مقتله، وبلغها الخبر في طريق عودتها للمدينة، فقفلت راجعة إلى مكة، واجتمع الناس إليها فقالت: «يا أيها الناس إن الغوغاء من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة اجتمعوا أن عاب الغوغاء على هذا المقتول بالأمس الإرب واستعمال من حدثت سنه. وقد استعمل أسنانهم قبله، ومواضع من مواضع الحمى حماها لهم وهي أمور قد سبق بها لا يصلح غيرها، فتابعهم ونزع لهم عنها استصلاحا لهم. فلما لم يجدوا حجة ولا عذرًا خلجوا وبادوا بالعدوان ونبا فعلهم عن قولهم فسفكوا الدم الحرام، واستحلوا البلد الحرام وأخذوا المال الحرام، واستحلوا الشهر الحرام. والله لإصبع عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم فنجاة من اجتماعكم عليهم حتى ينكل بهم غيرهم ويشرد من بعدهم. ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبًا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه أو الثوب من درنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء». كانت عائشة ترى بمظلومية عثمان في دعوى الثائرين عليه، خاصة وهي التي روت حديث وصية النبي محمد لعثمان لكي لا يتنازل عن الخلافة إن وليها مهما طلبوا منه ذلك، فقد روى النعمان بن بشير عن عائشة أنها قالت: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عُثْمَانُ إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ، فَلَا تَخْلَعْهُ، يَقُولُ: ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»، قال النعمان فقلت لعائشة: «مَا مَنَعَكِ أَنْ تُعْلِمِي النَّاسَ بِهَذَا؟»، قالت: «أُنْسِيتُهُ وَاللَّهِ». بل وغضبت عائشة من أخيها محمد لما كان له من دور في حصار عثمان. بعد مبايعة علي بن أبي طالب بالخلافة، قصدت عائشة وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام على رأس جيش جرار البصرة، وطالبوا عليًا بمعاقبة قتلة عثمان، فأعد علي جيشًا من رجال الكوفة، وإتجه لملاقاتهم وحسب رواية أرسل لهم بضع رجاله يدعوهم للتريّث حتى تهدأ الأمور، فيتسنّى له القبض على قتلة عثمان، وتنفيذ القصاص فيهم، فالأمر يحتاج إلى الصبر. فاقتنعوا بفكرة علي التي جاءهم بها القعقاع بن عمرو التميمي، وباتوا ليلتهم على ذلك. غير أن هناك من دبّر للفتنة بين الفريقين في الليل، فدسوا في كلا المعسكرين من يقتل بعض الجنود ليتأجج القتال بين الفريقين بعد أن يظن كلا الطرفين أن الطرف الآخر غدر به. وبحسب رواية أخرى، جاء جيش علي ليواجه جيش عائشة ومن معها وبعد جدال مع قادة الجيش أمر علي بأن يتقدم أحد الفتية نحو جيش عائشة حاملاً القرآن ويدعوهم إليه، فقطعوا يداه فحمل القرآن بأسنانه حتى قتلوه، فانتفض علي بجيشه ليهاجم جيش عائشة. واندلعت المعركة التي وقع فيها طلحة والزبير قتلى. ولما رأت عائشة ما يجري من قتال، ناولت كعب بن سور الأزدي الذي كان يُمسك بلجام ناقتها مصحفًا، وأمرته أن يدعوا الناس للكف عن القتال قائلةً: «خل يا كعب عن البعير، وتقدم بكتاب الله فادعهم إليه». فرمي بعضهم كعب بسهم قتله، وأصيبت عائشة نفسها في يدها بسهم طائش اخترق هودجها. ثم استحرّ القتال حول الجمل الذي يحمل هودج عائشة، حتى عُقر الجمل، وانتهت المعركة بانتصار أصحاب علي. ثم أمر علي بتنحية هودج عائشة، وأرسل أخاها محمد بن أبي بكر لتفقُّد حالها، فلما اطمئن على حالها، جهّزها بالزاد، وأعادها إلى المدينة برفقة أخيها محمد وابنيه الحسن والحسين وأربعين امرأة من نساء البصرة المعروفات. وفاتها بعد موقعة الجمل، عادت عائشة فلزمت بيتها حتى حضرتها الوفاة في ليلة الثلاثاء 17 رمضان 57 هـ وقيل 58 هـ وقيل 59 هـ، وصلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل في قبرها عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر والقاسم وعبد الله ابني محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ودفنت في البقيع. مكانة عائشة عند أهل السنة والجماعة تعُجّ كتب أهل السنة والجماعة بالأحاديث وفضائل مكانة عائشة، فهي عند أهل السنة أم المؤمنين وأحب نساء النبي محمد إليه، فقد روى الترمذي في سننه حديثًا سُأل فيه النبي محمد عن أحب الناس إليك؟ فقال: «عائشة»، ثم سُأل: «من الرجال؟» قال: «أبوها». ويرى أهل السنة أن الناس في زمن النبي محمد كانوا يعرفون محبتها عند النبي محمد، فكانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، مما أثار ذلك غيرة أمهات المؤمنين، وسألن أم سلمة أن تطلب من النبي أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان، فقال لها: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا». وهي عند أهل السنة المبرأة في حادثة الإفك بآيات من القرآن، أُنزلن من فوق سبع سماوات. أنه من فضلها أنه نزل على النبي محمد الوحي وهو في لحافها دون غيرها. وأن النبي محمد حين مرض مرضه الأخير اختار أن يُمضي أيامه الأخيرة في حجرتها دون غيرها من نسائه. .
عرض المزيد