تحميل كتاب العلاقة مع الآخر في كتابهم المقدس pdf هذا بحث يتناول موقف اليهود والنصارى من غيرهم من خلال كتابهم المقدس ومن خلال شواهد من التاريخ مقارنة بشريعة الإسلام. والقسم الثاني أحكام الحرب وتطبيقاتها. المقدمة الحمد لله الذي شرع وقدر، وخلق ويسر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاح والفلاح يوم لقائه، وأشهد أن نبينا محمدا r رسول الله حقا ونبيه صدقا، شهادة يسعد بها من جاء بها يوم القيامة سعادة لا شقاء بعدها، وأصلي وأسلم على من بعثه ربه بالحنيفية السمحة، والشريعة التامة، والرسالة الخاتمة. أما بعد. فمن سنن الله في هذا الكون سنة المدافعة، فيدفع الباطل بالحق، والضلال بالهدى قال عز شانه وتعالى سلطانه:} وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز[سورة الحج، 40. ومن أجل ذلك شرع الله للبشر من الشرائع ما يحفظ عليهم دينهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم وذرياتهم، فكانت شرائعه رحمة للعالمين، ولأن الإنسان إذا استغنى طغى، وإذا ملك ظلم، وإذا عز استبد، إلا من رحم الله، ولا يقف ظلم واستبداد البشر عند حد، فينتقل من التطاول على البشر إلى التطاول على الله، ويفتري على الله وينسب إليه إفك البشر وظلمهم وافتراءهم، ويزعم أن الله هو الذي أمرهم بهذا الظلم والاستبداد والبغي، قال جل ثناؤه مخبرا عن هذا: } وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون. قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ[ سورة الأعراف،28، 29. ثم يتمادى الغي والكفر فيدون كل هذا الإفك في كتاب فيزعم أنه من عند الله، وأن الله أمر بهذا، قال سبحانه وتعالى: } فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ[ سورة البقرة،79. تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. ومن أجل ذلك وغيره يرسل الله الرسل بالشرائع ليستقيم الناس على جادة الهدى، وأن يعبد الله وحده لا شريك له، وأن تكف يد المعتدي، وأن ينصف المظلوم، وأن يردع الباغي، وأن يكون الدين كله لله، قال عز شأنه وتعالى سلطانه: } وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[ سورة الأنفال،39. وفي هذا البحث نتناول كتابهم الذي يزعم اليهود والنصارى أنه وحي الله وأنه معصوم ومقدس، وهو مشتمل على كل ما يتعلق بحروبهم مع خصومهم وكيف يتعاملون معهم ويفعلون بهم، ويزعمون فوق ذلك أن هذا دين الله وأن الله أمرهم بهذا، وهم في هذا مشابهون للذين كفروا كما أخبرت عن ذلك آية سورة الأعراف المتقدمة، كما شابهوهم في باب الاعتقاد، قال لتعالى مخبرا عنهم: } وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [ سورة التوبة،30. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، ولعمر الحق إنه لعظيم، بل زادوا عليه فتراهم يتطاولون على دين الإسلام وعلى نبي الإسلام r ويزعمون أن دينه انتشر بحد السيف وأنه نبي السيف... ثم سار في ركبهم طغام ممن ينتسبون إلى الإسلام يرددون ما قالوا، وقلدهم آخرون على جهل منهم بحقيقة دينهم وبحقيقة ما افتراه عدوهم. ورغبة في كشف الباطل وتعريته، وهتك أستاره وكشف أسراره، وإرشادا للضال، وتنبيها للغافل، ودفاعا عن سنة سيد المرسلين وبيان منهج إمام الموحدين r، وطلبا لمرضاة ربي درست موقف اليهود والنصارى من مخالفيهم من خلال كتابهم المقدس ومن خلال شواهد من التاريخ لتحقيق هذه الغاية، وقد قسمت هذه الدراسة إلى قسمين: القسم الأول يتناول التمييز العنصري الذي اشتمل عليه الكتاب المقدس عندهم، وقد جعلته في تمهيد ومبحثين ، أما التمهيد فتناولت فيه أسباب كتابة هذا البحث، وأما المبحث الأول فقد أوردت فيه مكانة كتابهم المقدس عند اليهود والنصارى، وموقف المسلم من هذا الكتاب، أما المبحث الثاني فتناولت فيه التمييز العنصري في كتابهم المقدس، وقد أوردت فيه مطالب عدة توضح هذا التمييز العنصري الذي اشتمل عليه الكتاب المقدس عندهم. أما القسم الثاني وهو هذا البحث الذي بين أيدينا فقد قسمته إلى مقدمة ومبحثين وخاتمة، وتناولت في المبحث الأول تشريعات الحرب التي جاء بها كتابهم المقدس، وفي المبحث الثاني استعرضت فيه التطبيقات الفعلية لهذه التشريعات في ماضيهم السحيق، واستصحبت صورا من تاريخهم الماضي والمعاصر لبيان أن هذه التشريعات لم تكن مدونات مهجورة منسية؛ بل هي عقيدة مقدسة عندهم، ومنهج متبع، وقارنت هذه التشريعات أو التطبيقات بشريعة الإسلام وبفعل الأماجد من قادة الأمة الإسلامية عبر التاريخ، وفي الخاتمة أوردت النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث. وفي ختام هذه المقدمة أشكر الله الذي استعملنا في هذا الميدان الشريف، ووفقنا للذود عن منهج سيد المرسلين r ، ثم أشكر كل من أسهم معي في إخراج هذا البحث، واسأل الله أن يجعله صالحا خالصا، وأن يجعله حجة لنا لا علينا؛ إنه ولي ذلك وموليه والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين. .
عرض المزيد