تحميل رواية رسائل إلى ميلينا pdf كان كافكا يستعين في كلامه بأعضاء جسمه ووجهه، وإن استطاع أن يكتفي بحركةِِ فَعَل، وكان بسيطا خجولا، فكأنما يقول لمحدثه: أرجوك، إنني أقل كثيرا مما تظن، وإنك لتستطيع أن تسدي لي خدمة كبرى إذا ما تجاهلتني.
هو اليائس، الصامت، المعذب، المريض، وأحيانا المجنون. سمة حياته البارزة هي الغضب، الذي يولده القلق، والذي يحيل نفسه إلى أبخرة سامة عند ملامستها الحياة.
بعد فترة طويلة، آن لأعمال كافكا الكاملة أن تظهر. قدمنا له مختارات من القصة الطويلة بعنوان "الدودة الهائلة"، وفي هذا القسم الثاني نقدم مجموعة الرسائل الكاملة إلى ميلينا حبيبته وصديقته ومترجمته:
"كتابة الرسائل... معناها أن يتجرد المرء أمام الأشباح، وهو ما تنتظره تلك الأشباح في شراهة. ولا تبلغ القبلات المكتوبة غايتها، ذلك أن الأشباح تشربها في الطريق".
كافكا في رسائله هنا، لامرأة متزوجة، إنسان عذب، زايله التوتر مؤقتا، واسترخى عاشقا، في غير انتباه، لآلهات النقمة اللائي يطاردنه: (الزهور تتفتح في بطء أمام شرفتي... وتزورني في الغرفة السحالي والطيور وأنواع متباينة من الكائنات، أزواجا أزواجا... إنني أتوق في لهفة بالغة إلى أن تكوني هنا في ميران!) أو هكذا يتشبث بقمة سياج الحياة، ثم يسقط سريعا، متراجعا، بأيد جريحة متسلخة.
...إنه كافكا، وكفى!