تحميل كتاب هجرة علماء الأندلس لدى سقوط غرناطة ظروفها وآثارها pdf 2003م - 1443هـ نبذة عن الكتاب : شكَّلت النهضة العلمية والأدبية -التي تمتَّعت بها الأندلس في فترة الطوائف- بُعْدًا حضاريًّا على الرغم من الفوضى السياسية الصارخة، التي عمت الأرجاء الأندلسية زهاء قرن من الزمان؛ لذلك ما فتئت كلُّ مملكة من ممالك الطوائف أن جعلت لها حاضرة تستقطب بها العلماء والفقهاء في شتَّى جوانب العلوم النظرية والتجريبية. وكانت قُرْطُبَة عاصمة الخلافة المنصرمة تُمَثِّل حاضرة العلوم، ليس في الأندلس فحسب، بل في العالم كله، وكانت مكتبتها شعلةَ علمٍ، تأتي إليها البعثات الغربية لتستضيء بنورها من ظلمات الجهل الذي غرقت فيها أوربا قرونًا من الزمان. وقد نبغ في قُرْطُبَة العديد من الشعراء والعلماء في شتَّى فروع المعرفة، وكان لهم بلا شكٍّ دور بارز في تسيير أمور المملكة سياسيًّا وعلميًّا في آن واحد؛ ويقف على رأس هؤلاء العلماء الإمام المؤرخ الفقيه الفيلسوف ابن حزم الأندلسي، وقاضي قضاة الأندلس يونس بن عبد الله بن مغيث، ومؤرخ الأندلس الأوحد أبو مروان بن حيان، وتلميذه أبو عبد الله الحميدي، وغيرهم كثير، وسوف نقف على بعض لمحات من حياة بعضهم. ابن حزم الأندلسي (٣٨٤-٤٥٦هـ=٩٩٤-١٠٦٤م) الإمام الكبير أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الفارسي الأصل، ثم الأندلسي القُرْطُبِيُّ اليَزِيدِيُّ، مولى الأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب، الأموي الظَّاهِرِيُّ، وكان جدُّه خلف بن مَعْدَانَ هو أول من دخل الأندلس في صحابة عبد الرحمن الداخل، وُلِدَ في قُرْطُبَة، وتعلَّم فيها وتربَّى على شيوخها، وتَفَقَّهَ أوَّلاً للشافعي، ثُمَّ أَدَّاهُ اجْتِهَاده إلى القول بنفي القياس كُلِّه جَلِيِّه وَخَفِيِّه، والأَخْذ بظاهر النصِّ وعمومِ الكتاب والحديث، كان مفسِّرًا محدِّثًا، فقيهًا مؤرِّخًا، شاعرًا مربِّيًا، عالمًا بالأديان والمذاهب؛ لذلك يُعَدُّ / من أكبر علماء الإسلام فقهًا وعلمًا وتصنيفًا. كان ابن حزم سياسيًّا بارعًا، ووزيرًا ماهرًا، وكان بيته بيت وزارة؛ إذ وزر أبوه للمنصور بن أبي عامر، وقد عاش ابن حزم أمور الفتنة في قُرْطُبَة، وناصر المرتضى الأموي على الحموديين، ولكنه أُسِرَ وكان ذلك في منتصف سنة 409هـ، ثم أُطلق سراحه من الأسر، فعاد إلى قُرْطُبَة، ثم ولي الوزارة للمستظهر ثم قُتل المستظهر وسُجِنَ ابن حزم، ثم عُفِي عنه، ثم تولَّى الوزارة أيام هشام المعتد فيما بين (418هـ-422هـ)، وقد عاصر ابن حزم ملوك الطوائف وهي في أوج اختلافها، وكان يحمل عليهم ويُؤَلِّب الفقهاء ضدَّهم، ومن ثَمَّ أُحْرِقَت كُتبه في إِشْبِيلِيَة بأمر من المعتضد بن عباد. ونظرًا لجهوده العلمية والسياسية فقد نال ثناء العلماء، الذين عرفوا شمائله وعلوَّ همته؛ قال الأمير أبو نصر بن ماكولا: كان فاضلاً في الفقه حافظًا في الحديث، مصنِّفًا فيه، وله اختيار في الفقه على طريقة الحديث، روى عن جماعة من الأندلسيين كثيرة، وله شعر ورسائل[1]. وقال الحميدي: كان حافظًا عالمًا بعلوم الحديث وفقهه، ومستنبطًا للأحكام من الكتاب والسُّنَّة، متفنِّنًا في علوم جمَّة، عاملاً بعلمهن، زاهدًا في الدنيا بعد الرئاسة التي كانت له ولأبيه من قبله من الوزارة وتدبير الممالك، متواضعًا ذا فضائل جمَّة[2]. وقال الحافظ الذهبي: ابن حزم الأوحد البحر، ذو الفنون والمعارف. وله –رحمه الله- العديد من التصانيف، أشهرها: طوق الحمامة، والمحلى في الفقه، والفصل في الملل والأهواء والنحل، والناسخ والمنسوخ، وله أيضًا: رسالة في الطب النبوي، وكتاب حدِّ الطب، وكتاب اختصار كلام جالينوس في الأمراض الحادَّة، وكتاب في الأدوية المفردة. بيد أن آراء ابن حزم في ملوك الطوائف جعلته موضع اضطهاد ومطاردة منهم، وظلَّ حاله معهم من بلد إلى بلد حتى استقرَّ به المقام في لَبْلَة حيث أصله الأول، وبها مات[3]. ابن حيان القرطبي (377-469 هـ=987-1076م) الإمام الإخباري المؤرخ، أبو مروان حيان بن خلف بن حسين بن حيان القرطبي الأموي بالولاء، وقد كان أبوه وزيرًا للمنصور بن أبي عامر، وقد عاصر ابن حيان أحداث الأندلس في فترة الطوائف، فكان أبلغ من كتب فيها، كما كان ابن حيان وزيرًا للوليد بن جهور في قُرْطُبَة، ومِنْ خاصَّته، وقد عايش ابن حيان سقوط دولتهم، كما كان بارعًا في الآداب، وهو صاحب لواء التاريخ بالأندلس، وأفصح الناس فيه، كان لا يتعمَّد كذبًا فيما يحكيه من القصص والأخبار، من كُتبه: المقتبس في تاريخ الأندلس، والمتين في تاريخ الأندلس أيضًا. .
عرض المزيد