تحميل كتاب الصفح pdf إنّ نص الفيلسوف جاك دريدا (1930 - 2004) الذي ننشره هنا ما هو إلّا مقتطف من كتاب "الصَّفْح، ما لا يقبل الصفح وما لا يتقادم" الذي صدر عن "منشورات المتوسط" بترجمة مشتركة لكلّ من مصطفى العارف وعبد الرحمن نور الدين.
يفكّك دريدا في هذا النص أطروحات الفيلسوف الفرنسي فلاديمير جانكليفيتش، الذي طرح في كتابيه "الصفح" و"ما لا يتقادم" إشكالية الصفح بحدّة يتعصّب فيها للانتقام، على خلفية فظائع المحرقة النازية، ما جعله يرى الوعي الألماني كلّه مذنبًا وشقيًّا.
يقلب دريدا الصفح على وجوهه، ويرى أن مفاهيم مثل الغفران والتوبة والعفو والاعتذار والندم؛ مفاهيم لا تستقيم مع الصفح، ولهذا يرى استحالته رغم إمكانيّته، وإمكانيته رغم استحالته. هكذا سيرى أنّ الصفح الحقيقي يمكن في تحويل ذلك المستحيل إلى ممكن.
لكي يكون هناك مسرح للصَّفْح، ينبغي ألا تكون تلك الفعلة، وألا يكون ذلك الحدث كفعلة مُجرّد حدث فقط، شيء ما يحدث، حادثة محايدة، ولا شخصية. ينبغي بداية أن تكون هذه الفعلة قبيحة، فعلة قبيحة، فعلها شخص اتجاه شخص ما، وشرّ، وضَرَر يُورّط فاعلًا مسؤولًا وضحية. بتعبير آخر، لا يكفي وجود حدث ماض، حادثة أو حتّى محنة لا رجعة فيها، لكي يتوجّب الاستصفاح أو الصَّفْح. إذا كان زلزال ما، منذ قرن، قد دمّر ساكنة، أو ابتلع مجتمعًا، إذا كان هذا الماضي شرًّا ماضيًا، حادثة يُرثى لها إلى أقصى الحدود، ويتعذّر الشّكّ فيها، لا أحد سيفكّر مع ذلك في الصَّفْح، أو في الاستصفاح من أجل هذا الحدث الماضي، من أجل هذه "الحادثة" – إلا إذا افترضنا تضمّنها لتصميمٍ مُؤذٍ مَا، أو قصد خبيث.