تحميل كتاب الإمام ابن قيم الجوزية الداعية المصلح والعالم الموسوعي pdf أَبُو عَبْدِ الله شَمْسُ الدَِينِ مُحَمَّدٌ بْنُ أَبِي بَكرٍ بْنُ أَيُّوبَ بْنُ سَعْدٍ بْنُ حُرَيْزٍ الزُّرْعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ (691هـ - 751هـ/1292م - 1350م) المعروف باسم "اِبْنِ قَيّمِ الجَوْزِيَّةِ" أو "اِبْنِ القَيّمِ". هُوَ فقيه ومحدّث ومفسَر وعالم مسلم مجتهد وواحد من أبرز أئمّة المذهب الحنبلي في النصف الأول من القرن الثامن الهجري. نشأ ابن القيم حنبليّ المذهب؛ فقد كان والده "أبو بكر بن أيوب الزرعي" قيّماً على "المدرسة الجوزية الحنبلية"،(1) وعندما شبَّ واتّصل بشيخه ابن تيميّة حصل تحوّل بحياته العلمية، فأصبح لا يلتزم في آرائه وفتاويه بما جاء في المذهب الحنبلي إلا عن اقتناع وموافقة الدليل من الكتاب والسنة ثم على آراء الصحابة وآثار السلف، ولهذا يعتبره العلماء أحد المجتهدين.
وُلد ابن القيم سنة 691 هـ المُوافِقة لسنة 1292م، فنشأ في مدينة دمشق، واتجه لطلب العلم في سن مبكرة، فأخذ عن عدد كبير من الشيوخ في مختلف العلوم منها التفسير والحديث والفقه والعربية، وقد كان ابن تيمية أحد أبرز شيوخه، حيث التقى به في سنة 712هـ/1313م، فلازمه حتى وفاته في سنة 728هـ/1328م، فأخذ عنه علماً جمّاً واتسع مذهبُه ونصرَه وهذّبَ كتبه، وقد كانت مدة ملازمته له سبعة عشر عاماً تقريباً. وقد تولى ابن قيم الجوزية الإمامة في "المدرسة الجوزية"، والتدريس في "المدرسة الصدرية" في سنة 743هـ.
سُجن ابن القيم مع ابن تيمية في شهر شعبان سنة 726هـ/1326م بسبب إنكاره لشدّ الرحال لزيارة القبور، وأوذي بسبب هذا، فقد ضُرب بالدرة وشُهِّر به على حمار. وأفرج عنه في يوم 20 ذو الحجة سنة 728هـ وكان ذلك بعد وفاة ابن تيمية بمدة. ويذكر المؤرخون أنه قد جرت له مشاكل مع القضاة منها في شهر ربيع الأول سنة 746هـ بسبب فتواه بجواز إجراء السباق بين الخيل بغير مُحَلِّل. وكذلك حصلت له مشاكل مع القضاة بسبب فتواه بمسألة أن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يقع طلقة واحدة. وتوفي في 13 رجب سنة 751هـ وعمره ستون سنة، ودُفن بمقبرة الباب الصغير بدمشق.
سار ابن القيم على نهج شيخه ابن تيمية في العقيدة، كما كان له آراء خاصة في الفقه وأصوله ومصطلح الحديث وغير ذلك من المسائل. واشتهر بمؤلفاته في العقيدة والفقه والتفسير والتزكية والنحو بالإضافة إلى القصائد الشعرية.
كان لابن قيم الجوزية تأثير كبير في عصره، فيشير المؤرخون إلى أخْذ الكثيرين العلمَ على يديه. وكذلك برز أثره إلى جانب شيخه ابن تيمية في أماكن متفرقة من العالم الإسلامي في وقت لاحق، فكانت حركة محمد بن عبد الوهاب التي ظهرت في القرن الثاني عشر الهجري امتداداً لدعوة ابن تيمية، وكان محمد بن عبد الوهاب يعتني اعتناء كاملًا بكتبه وكتب ابن القيم، وكذلك الحال بالنسبة لمحمد رشيد رضا. وفي شبه القارة الهندية برز أثر كتبهما أيضاً في عديد من طلبة العلم ونُشرت كتبهما على أيدي العلماء هناك.
ألف ابن القيم العديد من المصنفات، واشتهرت مصنفاته شهرةً كبيرة، يقول ابن حجر العسقلاني: «وكلُّ تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف». وكان تصنيفه في أنواع مختلفة من العلوم الإسلامية، يقول ابن رجب الحنبلي: «وصنف تصانيف كثيرة جداً في أنواع العلم». وقد عدَّها بكر بن عبد الله أبو زيد 98 مؤلفًا. أشهرها:
اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية.
الاجتهاد والتقليد.
أحكام أهل الذمة.
أسماء مؤلفات ابن تَيْمِيَّة.
أصول التفسير.
الإعلام باتساع طرق الأحكام.
إعلام الموقعين عن رب العالمين.
إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان.
إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان.
اقتضاء الذكر بحصول الخير ودفع الشر.
الأمالي المكية.
أمثال القرآن.
بدائع الفوائد.
بطلان الكيمياء من أربعين وجهًا.
بيان الاستدلال على بطلانِ اشتراط مُحَلِّلِ السِّبَاقِ والنِّضَالِ.
التبيان في أقسام القرآن.
التَّحْبِيرُ لِمَا يِحِلُّ وَيحرمُ مِن لِبَاسِ الْحَرِير.
التحفة الْمَكِّيَّة.
تحفة المودود بأحكام المولود.
تحفة النازلين بجوار رب العالمين.
التعليق على الأحكام.
تفسير الفاتحة.
تفضيل مكة على المدينة.
تهذيب مختصر سنن أبي داود.
الجامع بين السنن والآثار.
جلاء الأفهام في فضائل الصلاة والسلام على خير الأنام.
جوابات عابدي الصُّلْبَان، وأن ما هم عليه دين الشيطان.
الجواب الكافي لمن سأل عن ثمرة الدعاء إذا كان ما قدر واقع.
الجواب عن علل أحاديث الفطر بالحجامة.
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء.
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح.
الحامل: هل تحيض أم لا؟.
حكم إغمام هلال رمضان.
حكم تارك الصلاة.
حكم تفضيل بعض الأولاد على بعض في العَطِيَّة.
رسالة إلى بعض إخوانه.
الرِّسَالة التَّبُوكِيَّة.
الرسالة الْحَلَبِيَّة في الطريقة الْمُحَمَّدِيَّة.
الرسالة الشافية في أسرار المعوذتين.
رفع اليدين في الصلاة.
روضة المحبين ونزهة المشتاقين.
منهجه في التأليف
كان ابن القيم يهتم بذكر مصادره التي يستقي منها، وقد تنوعت مصادره في مؤلفاته، كان أكثرها من كتب الحديث من الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم، كما أكثر من النقل عن ابن أبي الدنيا وابن عبد البر وابن قدامة وآل تيمية. وعادة ما يذكر اسم المؤلف بدون ذكر اسم الكتاب الذي ينقل عنه كما جرت عادة العلماء المتقدمين. وكان يُدقق ما ينقله حتى يراجع النسخ المختلفة من الكتاب الواحد عندما يقتضي الأمر ذلك، قال مرة في حديث: «وهذا في جميع نسخ كتاب النسائي هكذا». ويقول في حديث آخر: «هذا الذي في رواية اللؤلؤي عن أبي داود، وفي رواية ابن داسة عنه».
كما كان ينقل عن شيوخه خاصة ابن تيمية وجمال الدين المزي، ولم يكتف ابن القَيِّم في نقل مادته العلمية بالمصادر المكتوبة فقط، بل رُبَّمَا دَوَّنَ بعض المعلومات بطريق المشافهة والسماع. فيقول مرة: «سألت شيخنا عن سماع يزيد بن عبد الله عن أبي هريرة؟». ويقول مرة أخرى: «قُرئَ على شيخنا أبي الحجاج الحافظ في (التهذيب) وأنا أسمع».
كما كان يُقوِّم بعض مصادره، ويُبدي رأيه فيها، إما بمدحها والثناء عليها تارةً، وتارةً أخرى ببيانِ عيوبها وبعض المآخذ عليها، وتارةً ثالثة بالتعريف بها أو ذكر بعض المعلومات التوضيحية عنها، أو الفوائد المتعلقة بها. من أمثلة ذلك ما قاله عن أقسام اللذات للرازي: «وهو كتاب مفيد»، وقال عن كتاب حقائق التفسير للسلمي: «التفاسير المستنكرة المستكرهة، التي قُصِدَ بها الإغراب والإتيان بخلاف ما يَتَعَارَفُهُ النَّاس؛ كَحَقَائِق السُّلَمي وغيره، مما لو تُتُبِّعَ وبُيِّنَ بُطلانه، لجاءَ عِدَّة أسفار كِبَار».
أسلوبه الأدبي والشعري
يظهر من تصنيفات ابن القيم سعة حفظه للشعر والأمثال. حيث أكثر من الاقتباس من الشعر في كتبه. كما كان شاعرًا يُنشد الشعر ولكنه كان شاعرًا علميًا لا أدبيًا. فمن قصائده القصيدة الميمية من 112 بيتًا، والتي تحدث فيها عن مشهد الحجيج وانتفاضة البعث، وسبيل النجاة، وذكر الجنة ونعيمها. وأشهر قصائده القصيدة النونية المُسماة الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية والتي بلغت أبياتها نحو ستة آلاف بيت، وعدها بكر أبو زيد 5842 بيتًا، والتي يرد فيها على المشبهة والمعطلة، والتي يفتتحها بقوله:
حكم المحبة ثابت الأركان ما للصدود بفسخ ذاك يدان
أني وقاضي الحسن نفذ حكمها فلذا أقر بذلك الخصمان
وأتت شهود الوصل تشهد أنه حق جرى في مجلس الإحسان