تحميل كتاب ديوان زهير بن أبي سلمى pdf الديوان الذي بين أيدينا هو واحد من سلسلة ديوان العرب وصاحب الديوان هو زهير بن أبي سلمى بن باح المزني، نعته عمر بن الخطاب بأنه أشعر الشعراء لأنه كان لا يعاظل في الكلام وكان يتجنب حوشي الشعر، ولم يمدح أحداً إلا بما فيه. وروي كذلك عن عمر أنه كان يقول: "أشعر الشعراء صاحب مَن ومَن ومَن". أراد بذلك أبياته الحكمية في معلّقته، تلك الأبيات التي تبتدئ بمن.
كان زهير يتأله في شعره ويتعفّف به. وفي معلقته ما يَحمِلُ على القولِ أنه كان مؤمناً بالله وبالبعث والحساب بدليل قوله: فلا تكتُمنّ الله ما في نفوسكمْ ليخفى ومهما يُكتم الله يَعلَمِ، يؤخَّرْ فيوضَع في كتاب فيُدّخر، ليوم الحساب أو يُعجَّل فيُنعَمِ وكان يعنى بتنقيح شعره وتهذيبه، وقد رويت له أربع قصائد سمّيت بالحوليات، أي السنويات، زعم رواة أخباره أنّه كان ينظم الواحدة منها في أربعة أشهر، وينقّحها في أربعة أشهر، ويعرضها على أخصائه في أربعة أشهر، فلا تظهر إلاّ بعد حول. ويتميز بمتانة لفته وقوّة تركيبه، وكثرة الغريب في شعره، وبتطلبّه حقيقة المعنى الوضعي ليخرجه على مادّيته الحقيقية، وبتحكيمه عقله ورويّته في تصوراته وخياله، فلا يبتعد، إلاّ في الندرى، عن الحقائق الواقعية المحسوسة. وهو من أشهر شعراء الجاهلية في إعطاء الحكمة وضرب المثل، عُرف في حياته بالرّصانة، فجاءت آراؤه تناسب حياته، وبينت منزلته الأدبية، عند كثير من النقّاد والأدباء، على الحكمة التي عُرف بها. وحكمته، وما فيها من آراء أخلاقية واجتماعية وإرشاد لمجتمعه، ليست إلا من أوليات التفكير الإنساني وتفكير الشعب، وهذه الآراء هي التي جعلته قريباً من الشعب لأنه كان يكلمه فيها بما يعرف ويألف، وتحكيمه عقله في شعره، وإعماله تفكيره فيه، أضعف عمل خياله وعمل عاطفته، لا نجد لهما عنده، من الحظ، إلا يسيراً.
ولا ريب أن لكبر سنّه تأثيراً في جمود عاطفته وضعف خياله، فكل شعره يدلّنا على أنه نظمه في حرب داحس والغبرا، وبعدها أي بعد أن بلغ الثمانين، على حدّ قوله، أو تجاوزها، فليس بدعاً، وهو في هذه السن، أن يغلب عليه التعقل والترصن، أن يكون للعقل العمل المهيمن في شعره. وبالرجوع إلى مضمون هذا الديوان نجد أنه احتوى على أشعار "زهير بن أبي سلمى" مرتبةً على حروف الهجاء، ومعنونةً بعناوين مستقاة من القصائد نفسها، ومشروحةً بأسلوب سهل ومبسط يضمن للقارئ الإلمام بكل المعاني التي قصدها الشاعر من شعره، هذا وقد استهل الديوان بمقدمة تتحدث عن حياة زهير بن أبي سلمى وبعض من ملامح شعره.