تحميل كتاب مقاتل الطالبيين - نسخة ثانية pdf يعد كتاب مقاتل الطالبيين “لأبي فرج الأصفهاني” كنز من كنوز الأدب والتاريخ ترجم فيه أبو الفرج للشهداء من ذرية أبي طالب منذ عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الوقت الذي شرع يؤلف فيه كتابه، وهو جمادى الأول سنة ثلاثة عشر وثلاثمائة سواء أكان المترجم له قتيل الحرب أو صريع الحرب أو صريع السم في السلم، وسواء أكان مهلكه في السجن أن في مهربة أثناء تواريه من السلطان. وقد رتب مقاتلهم في السياق الزمني ولم يرتبها على حسب أقدارهم في الفضل ومنازلهم في المجد.
واقتصر على من كان نقي السيدة قويم المذهب، وأعرض عن ذكر من عدل عن سنن آبائه وحاد عن مذاهب أسلافه وكان مصرعه في سبيل أطماعه وجزاء ما اجترحت يداه من عيث وإفساد.
وقد صنف أبو الفرج أخبارهم، ونظم سيرهم، ورصف مقاتلهم، وجلى قصصهم بأسلوبه الساحر، وبيانه الآسر وطريقته الفذة في حسن العرض، ومهارته الفائقة في سبك القصة، وحبك نسجها، وائتلاف أصباغها وألوانها، وتسلسل فكرتها، ووحدة ديباجتها، وتساوق نصاعتها، على اختلاف رواتها وتعدد روايتها وتباين طرقها، حتى لتبدو وكأنها بنات فكر واحد وهذا هو سر الصنعة في أدب أبي الفرج الأصفهاني.
ولئن كان أبو الفرج قد بلغ غاية التصوير والتعبير في كتاب الأغاني لأن موضوعه يلتئم ومزاجه الفني، ويتفق ومسلكه في الحياة ويقع من عقله وفكره وذوقه، وعاطفته موقع الرضا والقبول، فإنه كذلك قد بلغ غاية التصوير والتعبير في مقاتل الطالبيين، لأن موضوعه حبيب إلى نفسه، عظيم المكانة من قبله لأنه وإن كان أموي النسب فإنه شيعي الهوى.
يعطف على الدولة الأموية بالأندلس ويكرم وفادة رسلها إليه، ويختصها بثمار قريحته ونتائج فطنته، ويؤلف الكتب ثم يرسل بها إليهم فتظهر عندهم قبل ظهورها في المشرق بل لا يكاد المشرق يعرف، عن أكثرها إلا اسمه وقد عد الخطيب البغدادي من هذه الكتب أحد عشر كتاباً.
كان موضوع مقاتل الطالبيين إذاً محبباً إلى نفس أبي الفرج فحشد له همته، وجند روايته، وصنعه على عينيه فجاء جامعاً لأشتات محاسنهم، وصار عمدة لكل من أتى بعده وقصد قصده.
وبالنظر للأهمية التي يحتلها هذا الكتاب فقد اهتم “السيد أحمد صقر” بتحقيقه، فاعتنى بمراجعة نصوص الكتاب على الكتب التي نقل منها أبو الفرج، أو التي نقلت عنه، وأثبت ما بينها من خروق، وفي طليعة هذه الكتب، تاريخ الطبري، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد والإرشاد للشيخ المفيد، كما حرص على أن يثبت في أول كل ترجمة كل ما يعرف من مراجع عرضت للمترجم له بأي لون من ألوان الذكر، ثم قان بصنع فهارس للكتاب مفصلة للرواة، والأعلام، والجماعات، والفرق، والأماكن، والأيام، والشعر، والمصادر، والتراجم.