تحميل كتاب حوار الحضارات وبعده الديني pdf لا شك أنّ الدين هو أحد الأبعاد الأساسية لأية حضارة والحوار يكشف عن أرضية مشتركة قيّمة بين الأديان السماوية، فهو لغة الحكماء، وفضلاً عن ذلك فالدين الإسلامي يدعو إلى الحوار وأداته السماوية للحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بما هو أحسن. ومن جهة ثانية فالأديان السماوية الثلاثة يجمعها ما هو مشترك، هو الدعوة إلى عبادة الله الواحد الأحد خالق الكون والإنسان والطبيعة، وهذه الأديان تتنوع من سيدنا إبراهيم باني الإبراهيمية الحنيفية، ومن هذه الحقيقة جاء اسحق وموسى وعيسى وإسماعيل ومحمد، وهذا النسق المتكامل المتوازن من الأنبياء يوجب بالضرورة الاعتراف والتعارف، وأي خلل في ذلك مدعاة للخلل في أي حوار، لذلك كان الاعتراف والتعارف والحوار، ومن ثمّ فعلى أي أساس يتم الحوار، وقد فقد أساسه وفصله ومفوض بناؤه، بل وكيف يمكن أن يقام الحوار والبابا "بندكت السادس عشر" ألغى إدارة حوار الأديان في الفاتيكان في الأسبوع الأول من تعيينه وضمها إلى لجنة الثقافات، وبالتالي فهو يعترف بالإسلام ثقافة وفلسفة، لكنه لا يعترف به ديناً روحياً، ذلك أن أساس الحوار بين الأديان هو الاعتماد والاعتراف المتبادل. ونحن نقول رغم عدم قيام ذلك فمن الممكن التأكيد لأصحاب تلك الأديان السماوية بأن يتواصوا بالرحمة والسماحة وإقامة العدل وبالتعامل على قواعد الشرف والأخوة والوقوف في وجه الإلحاد والوثنية. فالحوار لا بدّ من أن ينطلق من استعداد كل حضارة لفهم الأخرى وتجنب إصدار الأحكام المسبقة والاتفاق على إعادة صياغة صورة الآخر في إطار من التسامح والرغبة المشتركة في بلورة فهم إنساني لإحداث التفاعل الحضاري، وقد تساعد على ذلك معطيات المجتمع العالمي الجديد القائم على إنتاج المطلوب وتداولها بشكل سريع ويسير وواسع تتجاوز الحدود الجغرافية للحضارات والثقافات.
عرض المزيد