تحميل كتاب الإسلام في تركيا الحديثة: بديع الزمان النورسي pdf تشكّل قصةُ "بديع الزمان سعيد النورسي" حياةَ أحدِ علماء الإسلام وأساتذته الذي قرَّر -خلال فترةٍ من الفترات التي تعرَّضت مكانةُ الإسلام خلالها للتدهور؛ جرّاء تصاعد المد الاستعماري الغربي- أن يُكرِّس حياتَه ودراستَه من أجل أن يبرهن أنَّ تجديدَ قوةِ العالم الإسلامي -بل ورخاء وسعادة سائر البشر- يكمن في القرآن الكريم، باعتباره الرسالة الإلهية، وليس في الحضارة السائدة ف عصرنا الحالي..
وعقب النصر التركي في معركة الاستقلال، وجَدَ "النورسي" نفسَه على خلافٍ مع قادة النظام الجديد في "أنقرة"، وانسحَبَ تمامًا من الحياة العامة. وقد كان ذلك يتفق تمامًا مع شخصية "سعيد الجديد"، الذي تمخّضَ عن "سعيد القديم" أثناء السنوات القاسية للهزيمة العثمانية والاحتلال الأجنبي.
وقد احتلَّ القرآنُ وقتها المكانةَ الأولى في حياة "النورسي"، وكان ناجحًا في تطوير طريقة تأمّلية جديدة لشرح تعاليم القرآن على العقائد الأساسية للإيمان، والتي استقاها من القرآنِ الكريم ذاته،وكانت تقوم على التفكير التأملي في العالم المنظور.
وعندما أُرسِلَ إلى المنفى، وجدَتْ كتاباتُه الجديدة صدًى سريعًا بين سكان الأناضول، الذين شعروا أنَّ معتقداتِهم وهويتَهم في وضعٍ مهدَّد من قِبَلِ الإجراءات العلمانية والتغريبية.
وقد استطاعت كتاباتُ "النورسي" (رسائل النور) -من خلال البراهين التي قدّمَتْها في سياق تعاليم الرسالة القرآنية، ومن خلال توافقها مع العلم، ودحض "الفلسفة"- أن تعبِّرَ عن مشاكلِ الناس، وأن تقدِّمَ لهم إعادةَ تثبيتٍ للمعتقدات الهامة لكيانهم.
وفي الحقيقة، كان "النورسي" يحمل معه إلى العصر الجديد الجدلَ الكبيرَ بين الإسلام والحضارة الغربية، وقام بتقديمها على مستوى المبادئ الأساسية.
لقد تجنّب "النورسي" كلَّ أنواع المواجهات، وابتعَدَ تمامًا عن الحياة السياسية، وأصبَحَ كلّ ما يهتم به هو الإنسان بصفته كائن أخلاقي، وكيفية بناء الإنسان من خلال فهمه لعلاقته بالخالق، سبحانه وتعالى؛ وعلاقاته برفقائه من البشر متوقّفة على ذلك.