تحميل كتاب أثر السياسة في اللغة: العربية نموذجا pdf إن المتأمل في بعض المقالات، والأبحاث الحديثة يلحظ حضور مصطلحات كلمات كانت غائبة قبل سنوات، وكلمات تغير مدلولها، وأسلوبا في الخطاب غير معهود، ولو قارن ذلك ببعض المقالات المكتوبة قديمة، فستكون النتيجة اختلافا في الأسلوب، وتجديدا في المصطلحات، وسيجد كلمات كانت حاضرة فحظر استعمالها... إلخ.
من هنا نشأت المشكلة التي يحاول الباحث في هذه الدراسة تقديم رؤيته فيها، وهي الكشف عن علاقة هذا التغيير بالقوى السياسية، وعن دراسة دور السياسة في تطور اللغة، وانتقالها من مرحلة إلى أخرى، والمقصود بالتطور التغيير في اللغة بصفة عامة بإضافة مفردات، واستحداث تراكيب، وتقعيد لنظامها، أو بعكس ذلك من حظر مفردات، وإهمال تراكيب، وتغيير في قواعد اللغة، وبتحويل الدلالة وتغيير المعاني، وهذا من شأنه إلقاء الضوء على عنصر من عناصر اللغة وهو التغير، أو صفة من صفاتها وعلاقة ذلك بمحيطها.
إذاً الإشكالية التي يحاول البحث حلها، ويسعى في الوصول إلى الحقيقة فيها هي العلاقة بين السياسة واللغة. وهل للأولى تأثير على الثانية؟
وقد تفرعت من هذه الإشكالية إشكالات أخرى من شأنها توضيح صورة العلاقة بين اللغة والسياسة، والوقوف على الأثر بدقة، وقد تصيب الصورة نوعا من الغبش، أو خللا في النتيجة لو لم تبحث، وأعني بها علاقة السياسة بمكانة اللغة، وضورها في الميادين كافة، ومنزلتها بين اللغات، ومدى انتشارها.
أما الإشكال الآخر الذي تولد من رحم إشكالية علاقة السياسة باللغة فهو علاقة السياسة بالدراسات اللغوية، وأثر السياسة في نشأة اتجاهات لغوية، واستحداث مناهج وتغيير أخرى تعنى بدرس اللغات، وهي كذلك لها تأثيرها في اللغة.