تحميل كتاب الطبيعة والثقافة pdf الثقافة هي التجسيد الفعلي لميل النوع البشري نحو التمييز عن الطبيعة، وبالتالي عن الحيوان، وبما أن هذا الميل يسكن ثقافة النوع البشري، فإن الثقافة تتجه نحو ترويض الطبيعة تحقيقا لذلك، سواء تعلق الأمر بالطبيعة الخارجية أو بالطبيعة الداخلية. لكن الثقافة كثيرا ما تصطدم بالطبيعة - وبخاصة الطبيعة البشرية - وتصادمها حيث تصبح تحكما تعسفيا في طاقة الحياة (فرويد) وحرمانا للإنسان من المتعة واللذة باسم قيم عليا (نيتشه) أو تسخيرا للجسم و الجنس خدمة لأهداف الحضارة (ماركوز). وقد ارتأينا الانفتاح على نقاش تقليدي في تاريخ الفكر، وهو الصراع بين الفطري، أي ما ينتمي إلى الطبيعة، وبين ما هو مكتسب أي ما ينتمي إلى المجتمع و الثقافة وما يتوصل إليه التعلم وليس ما هو معطى قبليا. وإذا كانت النصوص المقدمة هنا توسع إلى حد ما إشكالية العلاقة بين الطبيعة والثقافة وتخرج بها عن إطارها التقليدي، إطار الإشكالية الأنتربولوجية، فإن هذا التوسيع من شأنه أن يسلط أضواء أخرى على الإشكالية ويخرج بها من الدائرة البدئية، دائرة انفصال الثقافة عن الطبيعة لتكشف عن الآليات المستمرة للصراع بين الطبيعة والثقافة، سواء في تكييف الثقافة للطبيعة أو في ردود فعل الطبيعة ذاتها على الثقافة.
عرض المزيد