تحميل كتاب راسبوتين وسقوط القياصرة pdf عجزت أغلب رموز التاريخ الحديث أن تثير عن شخصها هذا الكم الهائل من الأدب الحسي واللاواقعي كما أثاره كريكوري راسبوتين. لقد كتب عنه أكثر من مائة كتاب ولكنها لم ترتقي جميعاً إلى مستوى القبول كعرض سليم لشخصيته.
فالكتاب الذي يحمل بين طياته سطوراً تملؤها الكلمة الصادقة لم يظهر بعد، وعمل كهذا لا بد وأن تطرز سطوره ريشة كاتب يتكلم الروسية ليصبح باستطاعته البحث في كم الوثائق الأصلية واليوميات ورسائل العائلية الملكية والوثائق الأرشيفية للبوليس السري وأن يسافر إلى سيبيريا الشمالية باحثاً عن معلومات تخص حياة راسبوتين المبكرة.
أما الكتاب الذي بين أيدينا فهو محاولة لإعادة تقييم شخصية راسبوتين. بيد أن ذلك لا يعني أنني قد وضعت نصب عيني نية مسبقة في الدفاع عنه لأنني أشك حتى في أهمية إخراج مثل هذه الكتب، سيما وأن محاولات عديدة سابقة لتبرئة ساحته قد ظهرت لكنها لم تنل من الأهمية مكاناً.
إن وجه الاعتراض الوحيد للراهب الفاجر (مكراياكو) هو كونه لم يصل إلى نصف ما يستحق راسبوتين من اهتمام ذلك الرجل الذي فكر أن يكون راهباً ولما يزل في السادسة عشرة من عمره والذي أصبح واعظاً جوالاً تحصنه قوى شافية غريبة حتى ظن في نفسه صورة جديدة للمسيح. وإذا ما حاول القارئ أن يجسد أمامه راسبوتين الحقيقي الذي غاب بين ظلال الكتب التي تحدثت عنه، نراه سرعان ما يدرك أن المشكلة تكمن في اقتناص الجزء الجوهري من حياته، جزء ابعد من أن يوصف... إنه جزء الإنسان الحي. ونعلم جميعاً أيضاً أن كبار الكتاب لم يتعثروا أن يخلفوا وراءهم تجاربهم الحية. وأمامنا شيلي الذي إذا ما شئنا تحويل شعره إلى سيرة ذاتية فلن نضيف سوى النزر القليل لحقيقته الواقعية المعروفة لدينا مسبقاً لكن راسبوتين لم يكن كاتباً عظيماً... ولم تكن مذكراته سوى شيء يشبه الغصين الخارجي لبصلة (بيركينت) حيث ينتاب المرء الشعور المزعج أن لبها مفقود.