كتاب مناقشات هادفة رد الأزهر على كتاب ما هي حتمية كفارة المسيح تقرير عن أربع رسائل جلدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم
الكاتب د. محمد عمارة
تحميل كتاب مناقشات هادفة رد الأزهر على كتاب ما هي حتمية كفارة المسيح تقرير عن أربع رسائل جلدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم pdf 2005م - 1443هـ جاء في كتاب "حتمية كفارة المسيح" الآتي: شخصية المسيح من أكثر الشخصيات التاريخية التي أثارت حولها جدلاً عنيفاً لم تنطفئ جذوته على مدار ما يقرب من ألفي عام، فقد كانت ولادته محل أسئلة وجدال، وكانت حياته مثار تعليق ونقاش، ثم أصبح موته وقيامته وصعوده للسماء، وانتظار مجيئه ثانية إلى أرضنا ليكون حكَماً عادلاً تحوُّلاً في مسار البشرية الفكري والاعتقادي. وبسببه قامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن. وكان من المتوقَّع أن تهدأ عاصفة الحوار حول المسيح الذي فيه نرى كمال البشرية، وكمال الألوهية، بانتشار أسفار العهد الجديد، واعتبار كلمتها كلمة الفصل في الجدل القائم. غير أن طبيعة البشر التي فُطرت على الخلاف والاختلاف، أبت إلا أن تفكر، ثم تنظر وتفكر. فمنها من آمن، ومنها من أصرَّ واستكبر. وعُقدت المجامع الكنسية وخرجت القرارات تحسم الموقف، وما له من حاسم! والبشرية مختلفة منقسمة وما زالت!! وإذا كانت حياة المسيح ومعجزاته لم توجّه الفكر البشري إلى اتجاه واحد، ولم يكن صلبه وتألّمه دافعاً لهذه الوحدة، ولم تفلح كتابات تلاميذه وشهود العيان في تحقيق الخلاص للبشرية جمعاء، فنحن لا ندَّعي لبحثنا، ولا نطمع لدراستنا أن تحقق هذا .. بل حسبنا أنه جهد نضعه أمام ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، شهادة لنا قبل غيرنا. رافعين صلواتنا أن يكون بركة لمن يقرأه، وأن يهدينا سواء السبيل. المؤلفون الفصل الأول: الخطية في الإسلام والمسيحية 1 - الخطية في الإسلام وردت في نصوص القرآن طائفة من الكلمات التي تعبّر عن الخطية، أشهرها: الذنب: وقد خصص القرآن لها 39 آية، أكثرها تداولاً «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ» (الفتح 48: 1 و2). الفحشاء: وتُستعمل بالأكثر للتعبير عن خطية الزنا، وقد نهى القرآن عنها بقوله: «وَلاَ تَقْرَبُوا ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» (الأنعام 6: 151). الوزر: إذ يقول: «أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ٱلَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ» (الشرح 94: 1 - 3). الضلال: كقوله: «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى؟» (الضحى 93: 5 - 8). الإثم: كقوله: «وَذَرُوا ظَاهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ» (الأنعام 6: 120). الخطيئة: كقوله: «وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً» (النساء 4: 112). وهناك كلمات أخرى كثيرة استخدمها الإسلام للتعبير عن مفهوم الخطية، منها الكفر والظلم والفجور والشر والسيئة والسوء والفساد والفسق والبهتان. موقف الإسلام من الخطية الأصلية يؤكد القرآن وجود الخطية الأصلية ويقرّ بأنها كانت سبباً لسقوط آدم وحواء وذريتهما، وذلك في آيات كثيرة منه، نكتفي بذكر أوضحها: «وَقُلْنَا يَا آدَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ» (البقرة 2: 35 - 37). ولنلاحظ صيغة الجمع «اهبطوا» مع أن الكلام موجَّه إلى اثنين فقط، هما آدم وحواء. وهذا يعني أن آثار خطية أبوينا الأوّلَين حلّت بذريته، كما يقولون، فقد «عصى آدم فعصَت ذريته». اختلف علماء المسلمين في المكان الذي كان فيه آدم وحواء قبل السقوط، ففي الوقت الذي يؤكد فيه الإمام «الجبائي» أن هذه الجنة كانت في السماء السابعة، والدليل على ذلك قوله «اهبطوا» نجد عالِماً آخر مثل أبو القاسم البلمني يقول إن الجنة كانت في الأرض، وفسَّر الإهباط بالانتقال من بقعة إلى أخرى. ويتفق القرآن مع التوراة في أن آدم وحواء أقدما على الأكل من الشجرة بغواية الشيطان، إذ يقول: «فأزلَّهما الشيطان». ولما كان آدم في نظر القرآن نبياً، والأنبياء (حسب الفكر الإسلامي) معصومون عن الخطأ، فقد قام إشكال في حادث سقوط آدم. وحاول مفسرو المسلمين الخروج من الإشكال فقالوا: إن آدم عندما صدرت عنه تلك الزلَّة لم يكن نبياً، ثم بعد ذلك صار نبياً. غير أن هذا الرأي لم يلقَ إجماعاً، وقال آخرون إن آدم كان نبياً منذ البدء، وإنما وقع في زلته وهو ناسٍ. ومثَّلوه بالصائم الذي يشتغل بأمر ما يستغرقه ويغلب عليه، فيسهو عن الصوم ويأكل أثناء ذلك السهو، لا عن قصد. ولكن كيف يمكن أن يُقبل مثل هذا التفسير، والقرآن يقول في الآية التالية: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ» (البقرة 2: 37). فكلمة «تاب» هنا تدل على أنه وقع في الخطية فعلاً وباختياره، وأنه حاول إلقاء المسئولية على حواء كما تخبرنا التوراة. ثم أن كلمات آدم وحواء إلى ربّهما تؤكد ما ذهبنا إليه «قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ» (الأعراف 7: 23). وهذا ما قاله الإمام الفخر الرازي: قصة آدم عليه السلام، تمسكوا بها من سبعة أوجه: إنه كان عاصياً، والعاصي لا بد وأن يكون صاحب الكبيرة، لوجهين: أ - إن النص يقتضي كونه معاقباً لقوله تعالى: «ومن يَعْصَ الله ورسوله فإن له نار جهنم». ب - إن العاصي اسم ذم، فيجب أن لا يتناول إلا صاحب الكبيرة. في التمسك بقصة آدم إنه كان غاوياً، كقول القرآن «فغوى». والغِيّ ضد الرُّشد. إنه تائب والتائب مذنب. والتائب هو النادم على فعل الذنب. والنادم على فعل الذنب مخبر عن كونه فاعلاً للذنب. فإن كذب في ذلك الإخبار فهو مذنب في الكذب، وإن صدق فيه فهو المطلوب. إنه ارتكب المنهي عنه في قوله: «أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ؟» (الأعراف 7: 22) «وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ ٱلشَّجَرَةَ» (البقرة 2: 35). وارتكاب المنهي عنه عين الذنب. سُمِّي ظالماً في قوله: «فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ» (البقرة 2: 35). وهو سمَّى نفسه ظالماً في قوله: «رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا» (الأعراف 7: 23) والظالم ملعون لقوله: «أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ» (هود 11: 18). ومن استحق اللعن كان صاحب الكبيرة. اعترف بأنه لولا مغفرة الله له لكان من الخاسرين في قوله: «وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين» وذلك يقتضي كونه صاحب الكبيرة. وهناك نص قرآني يحسم الموضوع في أن آدم مذنب، هو قوله: «فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى» (طه 20: 120 و121). و «غوى» من الغواية. وقال الرازي في تفسيرها: «الغواية والضلالة اسمان مترادفان، والغيّ ضد الرشد. ومثل هذا الإثم لا يتناول إلا الفاسق المنهمك في فسقه». ولقد تعجب الإمام الباهلي من خطية آدم فقال: «إن واقعة آدم عجيبة، لأن الله تعالى رغَّبه في دوام الراحة وانتظام المعيشة بقوله: «يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى» (طه 20: 117 - 119). ورغَّبه إبليس في دوام الراحة بقوله: «هل أدلّك عن شجرة الخلد؟» وفي انتظام المعيشة بقوله: «وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى» (طه 20: 120). فكان الشيء الذي رغَّب الله به آدم هو الشيء الذي رغّبه فيه إبليس، إلا أن الله وقَّف ذلك على الاحتراس من تلك الشجرة، وإبليس وقّفه على الإقدام عليها. ثم أن آدم مع كمال عقله وعلمه بأن الله مولاه ومربّيه وناصره، أعلمه أن إبليس عدوه، فكيف قَبِلَ قول إبليس مع علمه بكمال عداوته له، وأعرض عن قول الله؟» . لقد عجز مفسرو المسلمين عن إخفاء ذنب آدم، لأن القرآن يقول: «وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى» (طه 20: 121). وأجمعوا أن العصيان ذنب، وأن العاصي اسم للذم، فلا يُطلق إلا على صاحب الكبيرة، ولا معنى لصاحب الكبيرة، إلا من فعل فعلاً يُعاقب عليه. أخطأ الإنسان منذ البداية، فقال عن آدم وحواء: «فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ» (البقرة 2: 36). طَرَدَ الله آدم من الجنة فانفصل روحياً عن الله. تقول شريعة الله: «أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية 6: 23). والموت المقصود هنا هو الانفصال الروحي عن الله. فلما أخطأ آدم مات روحياً، وتابعت ذريته السير على منواله«عصى آدم فعصت ذريته» فكل بني آدم خطّاء. وهذا ما يقوله القرآن أيضاً: «إِنَّ ٱلإِنْسَانَ لَيَطْغَى» (العلق 96: 6) «إِنَّ ٱلإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ» (إبرهيم 14: 34) «إِنَّ ٱلإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ» أي كفورٌ جاحدٌ بالنعمة (العاديات 100: 6) ونفس الإنسان «أَمَّارَةٌ بِٱلسُّوءِ» (يوسف 12: 53) «وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ» (النحل 16: 61). إذاً كيف ينجو الإنسان من الجحيم وهو بهذه الطبيعة الساقطة؟! ولا ينسب القرآن الخطية إلى آدم فحسب، بل ينسبها إلى كل الأنبياء - نورد منهم: إبرهيم أب المؤمنين والأنبياء، كفر ثم اهتدى (الأنعام 6: 76 وإبرهيم 14: 41) وكذب ثلاث مرات كما يقول الحديث: «لم يكذب إبرهيم النبي عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات، اثنتين في ذات الله: قوله «إني سقيم» (الصافات 37: 89) وقوله: «بل فعله كبيرهم هذا» (الأنبياء 21: 63) وقوله لسارة هي أختي» . وموسى صاحب الشريعة، الذي كلّم الله تكليماً (النساء 4: 164) وكز المصريّ فقضى عليه، فقال: «هَذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ» (القصص 28: 16). وداود، صاحب الزَّبور: «وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ» (ص 38: 24 و25). وينسب القرآن الخطأ إلى محمد فيقول: «أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ٱلَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ» (الشرح 94: 1 - 3). ولابد أنه كان وِزراً ثقيلاً ذلك الذي أنقض ظهره! ويقول له: «وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى» (الضحى 93: 7)، والضلال من أعظم المعاصي والكبائر. ويقول له: «لِيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ» (الفتح 48: 2) فسبق له ذنوب تتبعها ذنوب. وقد شعر محمد بحاجة دائمة إلى الاستغفار «واستغفر لذنبك» (غافر 40: 55) ويتكرر استغفاره في النساء 106 ومحمد 19. ويُنسب الشك إلى محمد، فيُقال له: «فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَٱسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَأُونَ ٱلْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ ٱلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ» (يونس 10: 94). وتملَّق محمد قومه بالشفاعة للأصنام في (الإسراء 17: 73) فيُقال له: «وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ». وأذِنَ محمد للمنافقين بالقعود عن الجهاد: «عَفَا ٱللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ» (التوبة 9: 43). وفي الحديث ورد قوله: «فوالله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» (البخاري - مشكاة المصابيح حديث رقم 2323). لكن هناك واحداً فقط لا يذكر له القرآن إثماً ولا علاقة بالخطية على الإطلاق، هو المسيح عيسى ابن مريم، ولا نجد له حاجة للاستغفار أو التوبة، بل ميَّزه القرآن بصفات، يسطع نورها بالمقارنة بما ارتكبه الأنبياء من خطايا. وهكذا نرى أن «ٱلْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية 3: 12) فوقع الجميع تحت حكم الموت، لأن الله عادل وشريعته تقضي بموت الجميع. فإذا كان المشرّع لا يعمل بما سنَّهُ، فقُلْ على العدالة السلام. لكن حاشا لله، فلا بدّ لشريعته أن تأخذ مجراها، فالله قدوس ولا يطيق الإثم. ومنذ البداية كانت الذبائح الدموية وسيلة التكفير عن الخطية، وهو ما نصَّت عليها شريعة موسى، ويتضح ذلك في قول الإنجيل: «بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عبرانيين 9: 22). وهناك مثل واضح على الفداء الإلهي في القول: «وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ» (الصافات 37: 107). وهذه كلها تشير إلى ذبيحة المسيح العظمى، لأن الذبيحة بنفسها لا يمكن أن تفدي الإنسان، لأنها لا تساوي قيمته. وتوجد في الإسلام ذبائح دموية للحصول على مغفرة الخطايا والقبول لدى الله. فالمسلمون يعلمون أن ذبائحهم في عيد الأضحى ليست لمجرد الأكل. فما هو سببها؟ أليست هي للتكفير عن الخطايا، ومحاولة الحصول على الغفران؟! ______________________ في هذا الكتاب يتناول الباحث الإسلامي الدكتور محمد عمارة الرد على كتاب ماهي حتمية كفارة المسيح، ويحتوي الكتاب على تقرير عن أربع رسائل جلدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبدأ الكتاب بتقرير عن فحص كتاب " ما هي حتمية كفارة المسيح " ومؤلفه وبعض المقتطفات منه، ثم يبدأ المؤلف في الرد عليها ثم يعرض لنا التقرير عن الرسائل. .
عرض المزيدفي حالة وجود أي مشكلة تخص الكتاب برجاء إبلاغنا
من خلال او من خلال