تحميل كتاب تكريم الإسلام للمرأة pdf 2009م - 1443هـ من كمال الدين الإسلامي وجماله: تكريمه للمرأة المسلمة، وصيانته لها، وعنايته بحقوقها، ومنعه من ظلمها والاعتداء عليها، أو استغلال ضعفها، أو نحو ذلك، وجعل لها في نفسها ولمن تعيش معهم من الضوابط العظيمة، والتوجيهات الحكيمة، والإرشادات القويمة ما يُحقِّق لها حياةً هنيَّة، ومعيشة سويَّة، وأُنسًا وسعادة في الدنيا والآخرة. وفي هذه الرسالة بيان كيف كرَّم الإسلام المرأة وأوجه هذا التكريم. نبذه عن الكتاب: ينظر الإسلام إلى المرأة كونها تلعب دور أسري في الأساس كونها الأم والأخت والزوجة، وأنها شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة. وبرز في عدد من العصور والأماكن العديد من النساء المسلمات في مناحي الحياة السياسية والقضائية والتجارية والثقافية والاجتماعية. ما أجملَ قولَ أمير المؤمنين الفاروق عمرَ بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: "والله إنْ كنَّا في الجاهلية ما نعدُّ للنساء أمرًا، حتى أنزل الله فيهنَّ ما أنزل، وقسم لهنَّ ما قسم"! فما نعلَم دِينًا كرَّم المرأة، ورفَع شأنها، وأنصفَها، من أصحاب المِلل الأخرى، إلا الإسلام، أنزل الله أحكامًا خاصَّة بالنِّساء، وأنزل سورةً باسمها، وما ذاك إلا ليُعليَ مِن شأنِها، ويرفعَ مكانتها ويُنصفَها على أخواتها. مظاهِر تكريم الإسلام للمرأة: لم يعتبرِ الإسلام المرأةَ جرثومةً خبيثة كما اعتبرَها الآخرون، ولكنَّه قرَّر حقيقةً تزيل هذا الهوان عنها، وهي أنَّ المرأة بين يدي الإسلام قسيمةُ الرجل؛ مصداقًا لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما النساءُ شقائقُ الرجال))[2]، لها ما له من الحقوق، وعليها أيضًا من الواجبات ما يُلائم تكوينَها وفِطرتها، وعلى الرجل بما اختصَّ به من شرف الرجولة، وقوَّة الجلَد، وبسطة اليد، واتِّساع الحيلة، أن يلي رياستها، فهو بذلك وليُّها، يحوطها بقوته، ويذود عنها بدَمِه، ويُنفق عليها من كسب يدِه. ذلك ما أجمله الله، وضمَّ أطرافه، وجمَع حواشيَه، بقوله تباركتْ آياته: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228]. ولقد نَعِمتِ المرأة تحتَ دِين الإسلام العظيم بوُثُوقِ الإيمان، ونهلتْ مِن مَعِين العِلم، وضربتْ بسَهم في الاجتهاد، وشرع لها مِنَ الحقوق ما لَم يشرعْ لها في أمة مِن الأُمم في عصْر مِن العصور، فقد أمعنتْ في سبيلِ الكمال طلقةَ العِنان، حتى أحملتْ مِن بين يديها، وأعجزتْ من خلفها، فلم تشبهها امرأةٌ من نِساء العالمين في جَلال حياتها، وسناء منزلتها[3]. المساواة في الإنسانية: فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - خلَق النساء والرجال سواء؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]. والله - عزَّ وجلَّ - خلَق المرأة من الرجل. ثُم ليعلم الرِّجال أنَّ خَلْق المرأة نعمةٌ عظيمة ينبغي أن يَحْمَدوا ربهم - سبحانه وتعالى - عليها؛ لأنَّ بخَلْق المرأة، وجعلها مؤنسةً للرجل تحصُل المودَّة والرحمة، ويحصُل السكن العاطفي، فالله - عزَّ وجلَّ - جعَل لنا مِن أنفسنا أزواجًا، وجعَل ربُّنا مِن هذه الأزواج بنين وحَفَدة. فالكلُّ متساوٍ في الإنسانية، فالله - جلَّ جلاله - أكثر في القرآن مِن آيات تدلُّ على المساواة بيْن الرجل والمرأة، سواء كانتْ هذه المساواة في التكليف، أو الأمور التي تستطيع المرأةُ أن تشارك فيها الرجل مِن غير أن يؤثِّر على أُنُوثتها. المساواة في أغلب التكاليف الشرعية: إنَّ مناطَ التكليف هو الأهلية، والله - عزَّ وجلَّ - لا يُكلِّف إلا بمقدور، فلكلٍّ من الرجل والمرأة أهليةُ الوجوب، وأهلية الأداء، ما دام قد تقرَّر في ذِمَّة كلٍّ منهما الواجبات الشرعية، فلا تبرأ ذمَّة كل منهما حتى يؤدِّي ما عليه مِن واجبات. وقد وضَع القرآنُ الكريم الرَّجل والمرأة على قدمِ المساواة في الالْتزامات الأخلاقيَّة، والتكاليف الدِّينيَّة إلا في حالات مخصوصَة خفَّف الله فيها عن المرأة؛ رحمةً بها، ومراعاةً لفِطرتها وتكوينها. وليُعلم أنَّ إيمان النساء كإيمان الرجال سواءً بسواءٍ، وخطاب الله - تعالى - في القرآن يدلُّ على المساواة بيْن الذَّكر والأنثى في أغلبِ التكاليف الشرعيَّة، وأول تكليف لآدَم وحوَّاء على حدٍّ سواء: ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 35]. وقد ينصُّ القُرآن على ذِكْر النساء بعدَ الرجال للتنبيهِ على المساواة في التكليف، ومِن ذلك: ما أخرَجه الحميديُّ في مسنده، والتِّرمذي في السُّنن، وأبو يعلَى في مسنده، وصحَّحه الألباني مِن حديث أمِّ سلمة - رضي الله عنها -: قالتْ يا رسولَ الله، لا أسمع الله ذِكْر النِّساء في الهِجرة، فأنزل الله: ﴿ أنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 195][4]. وهكذا يتوالَى الخِطَاب في القرآن، وينصُّ على المرأة لإعطائها مكانَها إلى جانب الرجل فيما هما فيه سواء مِن العلاقة بالله، وأنَّ أمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مانعٌ من الاختيار، موجِب للامتثال لكِلاَ الجِنسَيْن. المُساواة في المسْؤوليَّة المدَنيَّة في الحُقُوق الماديَّة الخاصَّة: أكَّدَ الإسلام احترامَ شخصيَّة المرأة المعنَوية، وسوَّاها بالرجل في أهلية الوجوبِ والأداء، وأثبت لها حقَّها في التصرُّف، ومباشرة جميع الحقوق، كحقِّ البيع، وحقِّ الشراء، وحقِّ الراهن، وحقِّ المرتهن، وكل هذه الحقوق واجبةُ النفاذ ولقدْ أطلق الإسلامُ للمرأة حريةَ التَّصَرُّف في هذه الأمور بالشكل الذي تُريده، دون أيَّةِ قيود تُقيِّد حريتها في التصرُّف، سوى القيْد الذي يقيِّد الرجل نفسَه فيها، ألا وهو قيْد المبدأ العام: ألاَّ تصدم الحريةُ بالحق أو الخير[5]. قال - تبارك وتعالى -: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ﴾ [النساء: 32]. .
عرض المزيد