تحميل كتاب معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة pdf ـ أساس العبادة عبارة عن مشاعر كالحب والخوف والرجاء والشعور بالخضوع والرضا والتوكل، ومعنى العبادة أن يعيش الانسان خاضعا لله بقلبه وجوارحه، ولا تتحقق هذه المشاعر ولا يعيش الانسان خاضعا إلا إذا عرف الخالق والآخرة معرفة حقيقية.
ـ كل لذات الدنيا وآلامها ليست بشيء أمام لذات وآلام الآخرة، وسنوات العمر الطويلة ليست بشيء أمام الخلود في الآخرة، وانتقال الإنسان إلى حياة أخرى من جديد هو أمر خطير ومثير، ورغم ذلك فالبعض لا تتأثر مشاعرهم ولا همومهم ولا أهدافهم ولا حياتهم إلا بأمور الدنيا، وذلك لأنهم لم ينتبهوا لمدى خطورة الحياة في الآخرة، فهؤلاء جاهلين بالآخرة ليس لأنهم لم يسمعوا عنها أو لأنهم لم يفهموا معناها ولكنه جهل لعدم الانتباه لخطورة الأمر.
ـ وهذا الجهل يؤدي إلى عدم التأثر بالخالق والآخرة فتغيب أعمال العبادة الباطنة كالحب والخوف والرجاء والشعور بالخضوع والرضا والتوكل، وتبقى بعض أعمال العبادة الظاهرة مفتعلة أو عادة أو تقليدا أو مجرد مظاهر روتينية، ويصبح الانسان كالذي لا يدري ما يفعل، وتصبح العبادة لا معنى لها.
ـ فالطبيعي أنه بمجرد أن يعرف الإنسان بوجود الخالق والآخرة ويوقن بذلك فإن نظرة الانسان للأشياء تتغير فيرى الأشياء على حقيقتها وبالتالي يرى عظمة الخالق وخطورة الآخرة ويرى ضعف نفسه وضآلة الدنيا وبالتالي تتعلق مشاعره وهمومه وأهدافه بالله والآخرة ولا تتعلق بالدنيا وتتغير حياته كلها من مشاعر وأهداف وطموحات وسلوك وتصرفات وانفعالات وفرح وحزن وغضب وأخلاق وكلام ونية وعمل بزاوية مائة وثمانين درجة.
ـ لكن لأننا نعيش في زمن الغفلة فالكثير من الناس لا يعلمون أن مجرد المعرفة الحقيقية بالخالق والآخرة (مع وجود اليقين) هو أمر خطير جدًا ومؤثر جدًا إلى هذه الدرجة، فإذا جاء أحد ليقول لهم تعالوا نعرف من جديد معنى أن لنا خالقا ومعنى أننا ذاهبون الى الآخرة لقالوا إنه مجنون أو متخلف!، لكنهم سوف يعلمون ذلك عندما يجدون أنفسهم واقفين على أرض المحشر في الآخرة.