تحميل كتاب صدام: الحياة السرية pdf بالسلطة جاء الثراء. في السنتين الأولين بعد ثورة تموز، شغل صدام مكتباً جانبياً صغيراً في القصر الرئاسي، كان يلائم مكانته. ولما تحسنت منزلته في الحزب، تحسن أثاثه، وفي بداية السبعينات انتقل إلى مكتب أكبر في بناية المجلس الوطني، الذي كان يقع في المنطقة نفسها التي يقع فيها القصر الرئاسي، قد قوّض في أواخر الخمسينيات عندما كانت فكرة خلق مؤسسات ديموقراطية فكرة رائجة في العراق. ومن عام 1970 فصاعداً، وبعد أن تمّ تطهير صالح مهدي عماش ومن الحكومة، انتقل صدام إلى مكتب عماش، والذي كان يشغله سابقاً رؤساء وزراء العراق، وكانت بنيته التحتية من موظفي سكرتارية ومرشدين وباحثين ومساعدين متكاملة.
وواصل صدام العمل لساعات طويلة، حيث كان يصل مكتبه فجراً ويبقى حتى وقت متأخر من الليل، بيد أن مثابرته الشديدة مجتمعة مع شبكة استخباراته الواسعة والشاملة أكسبته فائدة هامة بأن يتقدم دائماً خطوة إلى الأمام مع رفاقه. ولأول مرة في مسيرته المهنية، كانت مكافأة صدام رابحة، فسرعان ما طوّر الميول الغالية لتلائم مكانته كرجل البلاد القوي. وعلى غرار الكثير من الأثرياء من أصول فلاحية، كان اهتمامه الأساسي في الملابس والسيارات الثمينة، فأخذ يتردد على واحد من أغلى الخياطين في بغداد، خياطه هاروت، والتي تقع في أحد الأسواق حيث الأسعار فيه فوق ما يستطيعه معظم العراقيين. وفيما بعد ولما أصبح صدام رئيساً للجمهورية، أشع رغباته بزيارة خياطه مرة في الأسبوع، طالباً منه بدلات عديدة في وقت واحد. وكان اهتمامه بالسيارات مقتصراً على شراء ثلاث أو أربع من أرقى أنواع المرسيدس المترفة، والتي يشتريها في كل سنة من الكويت، بتكييف كامل وهي شرط أساسي للعيش في حرارة صيف بغداد.
وهكذا يمضي كون كوغلن في كتابه هذا بتسلط الأضواء على الحياة السرية لصدام حسين، وساعده في ذلك أعداد كبيرة من موظفي الحكومة، والدبلوماسيين، ورجال الأمن، ومن المستمرين في الخدمة ومن المتقاعدين، في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط وهؤلاء طلبوا حجب أسمائهم، إلا أن ممن ساهم في تزويد المؤلف بمعلومات سرية وخاصة بصدام حسين من مثل رفاقه القدامى هؤلاء كانوا على استعداد لذكر أسمائهم ومهما يكن من أمر فإن تزويد المؤلف بهذا الكمّ من المعلومات ساهم على وضع هذا الكتاب في مصاف الكتب الموثقة التي تكشف عن الجانب السري الشخصي في حياة صدام حسين وتجدر الإشارة إلى أن المؤلف كون كوغلن هو صحافي بريطاني يكتب عن الشرق الأوسط منذ عشرين عاماً. تابع الحرب العراقية-الإيرانية وحرب الخليج مراسلاً صحفياً، ويعد واحداً من أبرز الصحافيين البريطانيين. وكان من أوائل الصحافيين الذين دخلوا الكويت بعد تحريرها. لديه العديد من المؤلفات التي حظيت بالترجمة إلى العديد من اللغات العالمية. من أبرزها "الرهائن" الذي أحدث عند صدوره عام 1992 أزمة سياسية، وقد تناول في كتابه المذكور قضية الرهائن الغربيين في لبنان. وهو يقيم حالياً في لندن ويعمل محرراً في "الصانداي تلغراف".