تحميل كتاب مقاربة النص الإسلامي وآلية التعامل معه pdf يقول "هوجو": ((النظرية رمادية، ولكن شجرة الحياة دائماً خضراء))، فالحقيقة هي الواقع، وإذا كان القرآن حمال معان، فإن الواقع أيضاً حمال معان. كيف إذاً يواجه هذا المتناهى حقائق الحياة اللامتناهية؟؟.. هل وقف العقل الإنساني عاجزاً أمام هذه الإشكالية، أم؟ أنه استطاع التغلب عليها وإعطاءها الحل المناسب، وماهي الآلية التي اعتمدها لهذا الحل؟؟. في الحقيقة أن النص علم معياري يرسم نماذج للسلوك البشري، وهذه النماذج غالباً ما تنظم السلوك المشترك بين الأفراد، ولهذا قيل أن القانون يحقق العدل، وليس العدالة. إن الصياغة الجامدة للنص تواجه فرضاً معيناً تعطيه حلاً ثابتاً لا يتغير بتغير الظروف والملابسات الخاصة بكل حالة فردية، تندرج تحت الغرض، أما الصياغة المرنة، فتعطي للقاعدة نوعاً من المرونة والاستجابة لظروف الحياة المختلفة واستيعاب الملابسات الخاصة بكل حالة فردية. فالصياغة الجامدة لا تحقق إلا فكرة العدل المجرد لأنها لا تواجه إلا فرضاً مجرداً، فلا تملك بالتبعية إلا إعطاء حل مجرداً، أما الصياغة المرنة، فتستهدف تحقيق العدل الفعلي أو الواقعي دون أن تقنع بتحقيق العدل المجرد. ولا ريب أن القاعدة المرنة قادرة على مسايرة التطور الاجتماعي ومواجهة ما يطرأ من وقائع وحالات جديدة بخلاف الصياغة الجامدة التي تكتفي بتحقيق العدل المجرد فتجمد عن متابعة التطور الاجتماعي قانعة بتحقيق اثبات والاستقرار. وفي نظرنا أن الإسلام أخذ بالأسس العلمية لقواعد وفنون الصياغة، وكان عليه أن يأخذ بقاعدة نسبية الحقائق التي سبق الإشارة إليها، وأن يواجه قطب الاستقرار بقطب التطور.
عرض المزيد