تحميل كتاب جلالة السيد غياب pdf في ديوان «جلالة السيد غياب» للشاعر ماجد مقبل تتنوّع القصائد ما بين التفعيلة والنثر، وإن كان العمودي والتفعيلة طغيا على مجمل الديوان الذي يشرئب منه الشاعر تجربته في معركة الأبيات وسلاح الحرف.. هذا الحرف النازف تنوّع في ثنايا الديوان من مناجاة القمر والبكاء على الأطلال واحتساء قهوة الغياب وحمى الحب ونكأ الجراح. وإلى جانب قصائده الخاصة، يستحضر الشاعر ماجد مقبل في ديوانه الجديد الشعراء الأوائل، مبتدئًا بالشاعر أمرئ القيس نفسه واستجداء قافيته في براعة رائعة، حيث يقول من ضمن نص «جيش الأنوثة»:
غنيت من فرط المدامع حرقة
يا أيها الليل الطويل ألا انجلي
هذي وصية عاشق في ليلة
يلقى بها ألما يكون كما يلي
وثنى عليها باستلهام أبي العلاء المعري والأصمعي، فيقول في نص «زدني ابتعادا»:
فيك انتحرت تعلقا وتشفعا
ولأنت تعرف ما تكون دوافعي
حتى المعري جاء يسند حرقتي
بالشعر متبوعًا بدعم الأصمعي
حتى مناكفات الشاعرين الأخطل وجرير لم تسلم من هذا التناص والاستحضار، حيث يقول:
لست المعري في رسالته التي
جعلت جريرا صاحبًا للأخطل
وأفرد الشاعر مقبل قصيدة «الموت مثلك إلى محمود درويش»:
من فينا بهذا الآن حي..؟
يا درويش
أرثيك.. أرثي الشعر.. أرثي الروح.. أرثي القلب.. أرثي الأرض
أرثي الوزن.. أرثي غزة النجلاء.. أرثي أرض بيروت.
حتى فاقت ثقافة الشاعر إلى الرقص بالكلمات على غناء فيروز:
غنّي يافيروز غنّي
فما ستكتبه الحروف جريمة
غنّي يا فيروز إنّي:
من هواء قد نحت اليوم نفسي
وفي نهاية الديوان يعلن الشاعر حنينه وشوق لأحضان الأمومة، جيث يقول في نص «أريد أن أنام»:
وأنا متعب يا أمي
مجهد كثيرًا من وطأة الأيام
وقلق مما يؤول إليه مصيري
أريد أن أبكي كي أتنفس أكثر
ويقول حدادًا لها في نص «إلى أمي»:
الدار دونك لا يطاق هواؤها
صارت خواء في مساء معتم
وتغيّرت حتى جهلت وصوفها
وكأنني قد قلت حال تلعثمي.