تحميل كتاب ربي، كيف عصيتك؟! الجزء السابع: صفات محمودة وصفات مذمومة pdf عندما يقع العبد في معصية الله، ثم يسكن ويتفكر ويراجع نفسه، ويتذكر العوامل التي تحث على الامتناع عن المعصية، والوعيد الذي يلحق بالمعصية، ويُعاين عواقب المعصية على البدن والقلب، حينئذ يتعجب: كيف وقع في معصية ربه بالرغم من كل هذا؟ فبموازنة مكاسب المعصية أمام الخسائر، يجد أنه لا منطق ولا مبرر كافٍ لإقباله على المعصية، ولكنه الهوى، فيتعجب المرء كيف أن هواه حمله على أمرٍ يُنافي المنطق. ولا يبقى أمام العبد إلا الندم والإنابة إلى ربه الذي عصاه في المقام الأول، وتَرَجِّيه على المغفرة في محاولة للعبد إصلاح ما فعله، فحقًّا لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه.
وفيما يختص بسبب كتابتي لهذا الكتاب، وبيانًا لما يحتويه، فإني كنت أعيش فترة من حياتي أنسَب ما أصف به حالي آنذاك أني كنت: تائهًا جاهلًا سفيهًا. فالحمد لله الذي هداني بعدها وأرشدني إلى الحق من الباطل بوضوح وعلى علمٍ، فعرفت كيف ينبغي أن أكون. وعندما كتبت هذا الكتاب، كنت صريحًا عن نفسي في حدود ما يجوز قوله، وسردت ملاحظاتي في أثناء تلك الفترة، واجتهدت في جمع وكتابة المعلومات والملحوظات التي تحدث قبل وفي أثناء وبعد المعصية، شاملةً أساليب وأسلحة الشيطان والنفس في استدراج المرء للمعصية.
وكل هذا لتوعية القارئ، وكي يكتسب خبرةً دون أن يخوض فيما وقعت أنا فيه، آملًا أن يحتاط ويتسلح من الوقوع في المعصية فلا يقع فيها عن جهل أو قلة استعداد، وإن وقع فيها علم ما وجب عليه فعله. والخبرة تتمثل في أن أُبين له الظواهر المتعلقة بالمعصية كي يُلاحظها، مثل مقدمات المعصية من صد النفس عن تذكر سلبيات المعصية كي يشتاق إليها، فيعينه معرفة المُقدمات على الاحتراس منها وأخذ التدابير الوقائية والإجراءات المُضادة، ومن ثمَّ تفادي المعصية. وأيضًا يعينه معرفة تبعات المعصية، مثل ذهاب الرزق والبركة، فهذا أدعى أن يُحَفِّزه في عدم ارتكابها ثانيةً.
فهذا الكتاب: كتابٌ من تائبٍ، هُدِيَ إلى علمٍ يسعى أعداء الإسلام لمواراته، ولاحظ وقائع في الحياة فأعلنهما. هذا مع ذكر نماذج من حاله فيما مضى، وتكلم عن بعض ما خاضه أو أصيب به ليعتبر غيره.