إقتباسات كتاب الإسلام والدبلوماسية
الدبلوماسية في العصر الذهبي للإسلام وإن غابت مصطلحاُ فقد كانت حاضرة ومؤثرة، فقد اعترفت الأمة الإسلامية بوجود الدول المجاورة ونشأت علاقات حقيقية بين الدولة الإسلامية الناشئة في عصر الرسول وبين هذه الدول، وفي عهد الراشدين والخلافة التالية وتعززت فكرة التواصل مع دول غير محاربة، وبناء علاقات دبلوماسية حقيقية معها.
ومن المفيد أن نقول إننا لا نتجه هنا إلى أسلمة الدبلوماسية ومنحها عباءة دينية وإنما نتجه لتأكيد المشترك بين القيم الإسلامية الأصيلة وبين المعارف الدبلوماسية، وبالتالي نتجه إلى إغناء المعارف الدبلوماسية التقليدية وليس إلى إلغائها أو استبدالها.
إن من المدهش أن الخطاب القرآني جاء عالمياً إنسانياً بامتياز، ونادى الناس بصيغة يا بني آدم، ويا أيها الناس، وهي الصيغة التي أعلنها النبي الكريم في آخر أيام الرسالة في حجة الوداع: (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد وإن دينكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب).
ولكن الدور الأكبر لنشر الإسلاموفوبيا في العالم اليوم إنما يقع على عاتق أولئك المتطرفين الذين يرسمون صورة قاسية عن الإسلام في العالم، حين يقسمون العالم إلى فسطاطين اثنين، يتبادلان ثقافة الكراهية، ويتناوبان النفخ في كير الحروب
وقد افتتح القرآن الكريم بآية ذات دلالة وهي قوله تعالى: ﴿ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ﴾، فلم يقل رب المسلمين ولا رب العرب ولا رب المتقين، واختتم بقوله: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . مَلِكِ النَّاسِ . إِلَهِ النَّاسِ﴾، ولم يقل رب المؤمنين أو العرب أو العجم، وما بين الفاتحة والخاتمة جاء بيان القرآن العظيم: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.
ولكن الدبلوماسية في العصر الذهبي للإسلام وإن غابت مصطلحاً فقد كانت حاضرة ومؤثرة، فقد اعترفت الأمة الإسلامية بوجود الدول المجاورة ونشأت علاقات حقيقية بين الدولة الإسلامية الناشئة في عصر الرسول وبين هذه الدول، وفي عهد الراشدين والخلافة التالية وتعززت فكرة التواصل مع دول غير محاربة، وبناء علاقات دبلوماسية حقيقية معها.
ولدى الملاحظة البصيرة نجد أن الإيمان في الإسلام يرتكز على ركنين اثنين يتصلان مباشرة بالعلاقة الحسنة مع الآخر، حيث أمر الإسلام بالإيمان بالأنبياء جميعاً والكتب السماوية، وهذا الإيمان هو أروع مدخل لبناء ثقافة الحب والسلام بين المسلم وبين العالم، وبناء حوار إيجابي بناء يخدم الجميع.
والإسلام رسالة واقعية فهو لم ينظر إلى العالم على أنه جمعية خيرية، ولا على أنه غاب ذئاب، إنه العالم بكل ما فيه من خير وشر وجمال وقبح، وقد رفض منطق التسامح الساذج الذي تضيع فيه الحقوق، ويمنح فيه الغفران ممن لا يملك لمن لا يستحق، بل إنه عالج العلاقات الدولية في إطار متوازن من المعاملة بالمثل.